: آخر تحديث

هل يستحق ترمب جائزة نوبل؟!

1
2
2

خالد بن حمد المالك

يعتقد الرئيس الأمريكي ترمب أن أحداً لم يلعب دوراً لإحلال السلام في العالم، وإيقاف الحروب كما فعل هو، وكنا نتمنى أن يكون هذا الاعتقاد في محله الصحيح، وأنه نجح بالفعل في إيقاف الحروب المشتعلة في أكثر من دولة، وفي مختلف دول العالم، غير أن الواقع لا يتجه إلى هذا الاعتقاد الخاطئ.

* *

ربما قصد ترمب في حديثه عن دوره المزعوم في إحلال ما سماه بالسلام في العالم، وفي عمله لإيقاف الحروب التي تضرب أكثر من دولة مع عدم وجود مؤشرات لتوقفها، أو قرب لوضع حد لها، لأن يكون المرشح والفائز بجائزة نوبل للسلام، وهي الجائزة التي رشحه لها رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو.

* *

وإذا أرادت الجائزة أن تخرج عن سياق أهدافها فيمكنها أن تمنح الرئيس الأمريكي الجائزة، سواء منفرداً، أو بالاشتراك مع نتنياهو، ولو حدث هذا فلن يكون مفاجئاً، كون الضغوط أحياناً قد تنجح في خروجها عن قواعد وشروط النزاهة التي يفترض أن تكون الجائزة قائمة ومعتمدة عليها عند الترشيح.

* *

والواقع أن الرئيس ترمب أشعل جبهات القتال بأكثر مما كانت عليه قبل فوزه بالرئاسة، ودخوله إلى البيت الأبيض، فقد تخلى عن دعم أوكرانيا، وحوّل أمريكا إلى مستثمر كبير للاستفادة من الحرب، ببيع الأسلحة الأمريكية إلى الدول الأوروبية (الناتو) لاستخدامها في الحرب، والحصول على فوائد وعوائد مالية كبيرة لصالح أمريكا، مكتفياً بمحاولات لا قيمة لها لإيقاف الحرب وقد صاحبها الفشل، لعدم جديته وعدم توافق أفكاره مع ما تفكر به روسيا وأوكرانيا.

* *

في حرب غزة حوّل أمريكا لأن تكون مع إسرائيل ثنائياً في الحرب ضد حماس، وصعَّد حرب الإبادة باستخدام كل إمكانات أمريكا العسكرية والاقتصادية والسياسية في استمرار الحرب، بدلاً من توظيف قدرات أمريكا، وعلاقاتها المتميزة مع إسرائيل في إيقاف حرب الإبادة، والاكتفاء بما قُتل من الفلسطينيين بعد أن بلغ عددهم سبعين ألف شهيد، فضلاً عن مائتي ألف مصاب، وإزالة كل مباني قطاع غزة، وترك الناس في العراء، فكيف يكون قد حقق ما لم يحققه غيره لإحلال السلام، ووقف الحروب.

* *

وفي السودان والحرب بين الجيش والدعم السريع فقد وقف ترمب متفرجاً، وكأنه لا يعنيه ما يتعرَّض له الشعب السوداني من معارك تأكل الأخضر واليابس، وتقتل وتشرِّد الناس، وفي كل من سوريا ولبنان هناك هجوم إسرائيلي يومي ممنهج، ويأتي بالتنسيق مع أمريكا على ذلك، وعدم اعتراض من ترمب، حيث القتلى والتهديم، دون وجود دور لأمريكا، أو محاولة منها للإنقاذ قبل أن تكون سوريا وأن يكون لبنان مثلهما مثل قطاع غزة.

* *

وما دمنا نتحدث عن اعتقاد الرئيس الأمريكي، أو ادعائه بأنه رجل سلام، وأنه فعل وأنجز ما لم ينجزه أي زعيم آخر، أسأل فخامته: كيف قَبِل أن يعترض على إدانة نتنياهو من المحكمة الجنائية الدولية بأنه يمارس حرب إبادة ضد الشعب الفلسطيني، ولا يكتفي بذلك، وإنما يصدر عقوبات على القضاة في المحكمة، دعماً لنتنياهو في حرب لا سابق لها في التاريخ إنسانياً وأخلاقياً، أليس هذا دليلاً دامغاً على أنه لم يكن زعيم سلام؟

* *

أليس السلام يا فخامة الرئيس يكون بإيقاف الحرب بين الفلسطينيين وإسرائيل، ويقتضي بإقامة دولة فلسطينية على الأراضي الفلسطينية في حدود عام 1967م ضمن خيار الدولتين، وأن دول العالم على موعد خلال هذا الشهر للاعتراف بها، بينما يصطف ترمب مع نتنياهو وعشر دول هامشية على رفض الاعتراف بها، وهو موقف معاد لمبدأ السلام، موقف يأتي شاهداً على أن أمريكا مع مواصلة الحرب.

* *

في ليبيا وإيران واليمن ودول أخرى هناك يظهر الموقف الأمريكي الصادم ضد إحلال السلام في العالم، بينما لا يتردد الرئيس الأمريكي في التأكيد على أن همه الأول والأخير أن تكون رئاسته نهاية للحروب، وتحقيقاً للسلام، وليته فعل ذلكن وانتقل من الكلام إلى التنفيذ.

* *

أمريكا دولة عظمى، ولكنها تخسر الأصدقاء، وتزيد من كراهيتها، بينما هي مؤهلة لأن تكون مكانتها في وضع أفضل، تحفظ الأمن، وتساعد على منع الحروب، وتفك الاشتباكات، وتقرِّب وجهات النظر، وتعمِّق ثقافة الحوار، وصولاً إلى التهدئة ثم السلام، وحينئذٍ سوف يصفق العالم للرئيس الأمريكي حين يتم منحه جائزة نوبل العالمية للسلام.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد