: آخر تحديث

الازدحام المروري بالرياض والحلول الممكنة!

3
3
2

محمد بن عيسى الكنعان

الازدحام المروري بمدينة الرياض لم يعد واقعًا عاديًا، أو أمرًا مقبولًا، ومشكلته لم تعد حديثًا عابرًا في المجالس، والديوانيات، أو نقاشًا فكريًا في أماكن العمل، ومنصات التواصل، ووسائل الإعلام، إنما جرسًا منبهًا يدق في خطط التنمية، وهاجسًا حاضرًا لدى سكان الرياض وزوارها الذين يفدون إليها بأعداد كبيرة سواءً من داخل المملكة أو خارجها؛ لهذا ليس غريبًا أن يصبح الازدحام المروري تحديًا كبيرًا، وظاهرة مُقلقة؛ لأنه يتزايد بشكل ملحوظ شهرًا بعد آخر، بحكم حجم الأعمال في مدينة الرياض، وكثرة الفرص التي تستقطب الناس من خارجها، حتى انعكس تأثير هذه المشكلة على جودة الحياة، ونفسية الموظفين وأدائهم، بل ومكانة العاصمة بين مثيلاتها من العواصم المتطورة، إضافة إلى تأثيرها الأمني بحكم اتساع الرياض أساسًا. لذلك تتطلب مشكلة الازدحام المروري حلولًا عاجلة وأخرى بعيدة المدى، ولا تؤتي ثمارها إلا بتعاون الجميع وكل الأطراف الفاعلة بالمشهد اليومي، سواءً جهات عمل، أو سائقين، أو جهات أمنية معنية بالحركة المرورية.

هذه المشكلة كانت الموضوع الذي تناوله بشكل واقعي ورؤية منطقية مجموعة من الشباب السعودي، الذين يحملون همّ وطنهم، ويعشقون عاصمة بلدهم، فلم يحصروا أنفسهم بالمشكلة أو يقتلوها بحثًا، أو يتحدثوا بأسلوب النقد السلبي أو جلد الذات، إنما راحوا يفكرون خارج الصندوق بحثًا عن الحلول الممكنة، التي قد تُسهم في تعزيز الجهود الوطنية نحو تخفيف الازدحام المروري حتى يتلاشى مع الأيام بمشيئة الله، فخرجوا من حديثهم المسائي ونقاشهم العفوي بعدة حلول عاجلة وأخرى بعيدة المدى (استراتيجية). فمن الحلول العاجلة أنهم يرون وجوب تفعيل ساعات العمل المرن على جميع الجهات الحكومية والخاصة، مع زيادة وقتها المتاح لتكون أربع ساعات (6 - 10 صباحًا)، عوضًا عن ساعتين (7 - 9 صباحًا) وهو المعمول به حاليًا لدى كثير من الجهات والشركات. وتطبيق العمل الافتراضي (عن بُعد) يوم واحد بالأسبوع كحد أدنى حسب طبيعة العمل، وتشجيع العاملين على التشارك بسياراتهم، خاصةً للذين يسكنون في أحياء واحدة، أو متجاورة أو متقاربة، والتفعيل المُتقن للنقل العام بحيث يضمن للعاملين انتقال سلس من البيت إلى جهة العمل، كتوفير الحافلات الترددية، أو ربط حركة الحافلات العامة بنقاط توقفها مع محطات قطار الرياض (المترو) بشكل يجعلها مسارًا واضحًا. وكذلك وضع منهجية - وبطرق مبتكرة - تُعالج تعطيل الحركة المرورية عند وقوع حوادث؛ فالملاحظ امتناع طرفي الحادث عن إبعاد السيارات عن الطريق حتى وصول (نجم)، فضلًا عن تأخر وصول الجهات المسؤولة عن الحوادث كـ(نجم) نظرًا لتعطل حركة السير بسبب الحوادث وكثرتها. وتفعيل الرقابة المرورية من خلال تطبيق الأنظمة بصرامة للحدّ من التجاوزات واختلاق الفوضى كما يحدث - على سبيل المثال - عند مخارج الطرق الرئيسة ومداخلها، فتجد من يتجاوز طابور سيارات السائقين الملتزمين بالمسار للخروج أو الدخول، ويحشر سيارته عند المخرج فإما أن تدعه يمر أو يصطدم بك. وأيضًا إلزام جميع المدارس الحكومية بتوفير نقل مدرسي مجاني للتقليل من كمية السيارة المتجهة من المدرسة وإليها. وأن يكون أولوية القبول في المدرسة لأبناء سكان الحي وبناتهم، وكذلك التنسيق مع الجامعات لتأخير بداية اليوم الدراسي الأكاديمي أو توزيعه على فترات اليوم، خصوصًا أن هناك ثلاث جامعات كبرى تقع في شمال الرياض وغربه (الإمام، والأميرة نورة، والملك سعود)، إضافةً إلى الجامعة العربية المفتوحة وجامعةاليمامة.

أما الحلول الممكنة بعيدة المدى (الاستراتيجية) للازدحام المروري فتحتاج تعاون الجهات الحكومية المختلفة، ويمكن إجمالها بتطوير شبكة نقل عام على نطاق أوسع، فينبغي زيادة خطوط قطار الرياض (المترو) لتغطية الأحياء التي لم يصلها القطار، وعمل حملات توعوية لتشجيع السكان على استخدام وسائل النقل العام، والتقليل من الاعتماد على السيارة الخاصة بالنسبة لمن يسكنون بالقرب من محطات القطار. وبناء طرق وجسور وأنفاق جديدة، خاصةً في الأحياء المطورة حديثًا، وعلى الطرق المهمة، مثل تقاطع (طريقي عثمان بن عفان والملك سلمان)، وتوسعة الطرق الحالية لاستيعاب المزيد من المركبات وتحديدًا الطرق المحورية والرئيسة. واستخدام أنظمة ذكية لإدارة إشارات المرور لتنسيق تدفق حركة السير، وتجنب الاختناقات المرورية في التقاطعات الرئيسة، وزيادة المحاور كما يتم الآن، وتطبيق رسوم رمزية في أوقات الذروة على استخدام بعض الطرق الرئيسة؛ لتشجع السائقين على استخدام وسائل نقل بديلة، أو طرق أخرى، أو تغيير أوقات تنقلهم.

إن عاصمتنا الغالية عروس الصحراء، ورياض الخير، وأيقونة العواصم العربية تستحق منا العمل والتعاون، لتكون الأفضل والأجمل دومًا، خاصةً في ظل مشروعاتها الكبرى وفق مستهدفات رؤية السعودية 2030.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد