: آخر تحديث

هفوات تحت المجهر

2
3
3

عثمان بن حمد أباالخيل

هفوات الناس بكل مستويات علاقاتهم الاجتماعية والذين يقعون في دائرة اهتمامك لا يخلُون من الهفوات وهذا شيء طبيعيا؛ فنحن بشر نخطئ ونصيب ومن منا لا يخطئ؟ فكيف بالناس الذين يقعون في الدوائر البعيدة عن مركز الاهتمام.

لماذا نضع تلك الهفوات الصغيرة تحت المجهر ونُكبرها عدة مرات والنتيجة إيجاد فجوة صغيرة لكنها تكبُر مع مرور الأيام تماماً ككرة الثلج التي تتدحرج. في رأيي الشخصي من يتصيّد هفوات الآخرين هدفه العبث بالمشاعر الإنسانية، وخلق حالة من عدم الاستقرار تماما كالمنخفضات الجوية الذي تحذر منه الهيئة العامة للأرصاد.

لماذا لا نصحح تلك الهفوات أو الهفوة بروح رياضية، بروح إنسانية، وهل هفواتي وهفواتِكِ محصّنه من التصيّد. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ). إن ثقافة التصيّد ظهرت بصورة جلية مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والتي اسميها وسائل التباعد الاجتماعي بصورها السلبية. لماذا لا نتغافل تلك الهفوات ونرفع شعار «ريّح بالك». ترى هل انتهت مشاكلنا وبدأنا نتتبع هفوات الآخرين، ومن هم الاخرون إنهم من لهم في القلب مكان وفي العقل مّستقر.

إنني أعتبر التصيّد فيروس علاجه الانشغال بعيوبنا وتصحيحيها، يقول الشاعر المتنبي:

(ولم أر في عيوب الناس نقصا

كنقص القادرين على التمام)

كم هو مؤلم أنْ يتركْ التصيّد جرحاً صغيراً لكِنه يكبر حين يتكرر ذلك التصيّد غير المبرر. حكّم عقلكْ وقلبكْ حين تنوي التصيّد واسأل نفسك لماذا أتصيّد؟ ما الذي سوف أستفيد وافيد حين التصيّد وهل للتصيّد من فائدة سوي الشقاق والعتاب.

أحقاً التصيّد ملح الحياة الزوجية، وملح العلاقات الإنسانية بكافة اشكالها وألوانها، إن كان كذلك فلماذا لا نستسيغ الطعام المالح، وفي المقابل الطعام قليل الملح الاعتدال والتوزان هو الحل.

شخصيا، لا أومن بالتصيّد فهو خطوة من خطوات الجفاء والبعد وغرس روح الفرقة والتفرق. أليس من الأجدر والأفضل بدلاً من التصيّد التذكير بما لا يعجبك بالطرف الاخر بطريقة جميلة طريقة المجاملة والتلميح.

إن تصيد أخطاء الآخرين وزلتهم دليل واضح على القصور في الفهم والسلوك السلبي الذي نهايته الفرقة بين منْ تجمعهم وجهات واحدة وعلاقة إنسانية مستدامة والبحث عن المشاكل. تري ما الهدف من تصيد أخطاء الآخرين؟ سؤال يجاوبه المُتصيدون. لماذا لا نتصيّد حسنات الاخرين ونتفاخر بها ونعطيها حقها بدلا من تصيد الهفوات.

إن ثقافة التصيّد ثقافة ثمرها علقمْ ونهايتها طريق مسدود، وعلى من يهوي هذه الثقافة أن يتحلى بثقافة التسامح والصفو والعفو والسماء الزرقاء.

يقول ابن الجوزي: (ما يزال التغافل عن الزلات من أرقى شيم الكرام فإن اهتم المرء بكل زلة وخطيئة تعب وأتعب والعاقل الذكي من لا يدقق في كل صغيرة وكبيرة مع أهله وأحبابه وأصحابه وزملائه كي تحلو مجالسته وتصفو عشرته).

همسة:

تصيّد أخطاء الآخرين ليس كنزاً يغنيك


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد