: آخر تحديث

موعد مع الموت في حافلة القدس

7
7
6

خالد بن حمد المالك

لا يمكن قراءة مقتل الإسرائيليين أمس بمعزل عن قتل الفلسطينيين في قطاع غزة كل يوم، فالأسباب معروفة، والمبررات واضحة، والإقدام على هذا التصرّف مبعثه الرغبة في الانتقام ممن يقتلون يومياً العشرات، حتى وصل عددهم إلى أكثر من سبعين ألف قتيل فلسطيني بينهم أطفال ونساء وكبار سن والمدنيين عموماً.

* *

وأكبر خطأ يرتكبه العالم، حين يحضر ضميره أمام مشهد القتلى الإسرائيليين، ويغيب حين يكون مشهد القتلى فلسطينياً، مع الفارق الكبير في العدد بين ما حدث في القدس المحتلة، وما يحدث يومياً منذ قرابة العامين في قطاع غزة.

* *

لا بأس أن يندد العالم بالعملية الفلسطينية في القدس، ولكن أين هو من العمليات في قطاع غزة، وأين هو من ردود الفعل الإسرائيلية بعد نجاح العملية الفلسطينية بتهديد أسر من نفذا قتل الإسرائيليين، وهم لا علاقة لهم بما حدث، وأين هو من إعلان قادة إسرائيل عن عزمهم تضييق الخناق على الأسرى في سجون العدو، والتهديد بأن قطاع غزة أمام إزالة كاملة.

* *

يتحمَّل العالم، وتحديداً الولايات المتحدة المسؤولية في استمرار وضع الفلسطينيين تحت التهديد الإسرائيلي، والقتل الممنهج، وحرمانهم من حقوقهم المشروعة، وبينها وعلى رأسها إقامة دولة لهم على أراضيهم، ضمن خيار الدولتين، إذ إن قيام الدولة الفلسطينية يُنهي الصراع، ومع قيامها سوف يستتب الأمن والاستقرار في المنطقة، ولا تكون إسرائيل عندئذٍ في حالة رعب دائم.

* *

إسرائيل تخطئ التقدير إذا ما اعتقدت أن بإمكانها الجمع بين الأمن واحتلال الأرض، فمثل عملية القدس سوف تتكرر حتى ولو ضمت إسرائيل قطاع غزة والضفة الغربية إلى دولتها، لأن المواطن الفلسطيني المتمسك بأرضه وحقوقه ومشروعه بإقامة دولته الحرة بحدودها واستقلالها لن يهنأ له بال طالما بقي حاله على ما هو عليه.

* *

ولهذا فإن الدعم الأمريكي، والنفاق العالمي، وتفهم مطالب إسرائيل الظالمة، والتسامح مع عدوانها، لن يجعل إسرائيل إلى الأبد قادرة على التحكم والسيطرة على ما ليس لها به حق من الأراضي الفلسطينية، واندفاع اليمين الصهيوني المتطرف إلى التوسع لن يحميها من غضبة الشعب الفلسطيني، بقدر ما يعرّضها إلى الخطر، وإلى المستقبل المجهول.

* *

منفذو عملية القدس تمكنوا من اجتياز كل ما كان في طريقهم من قدرات عسكرية واستخباراتية ووصلوا إلى هدفهم، ونفذوا العملية بنجاح، فأين أسطورة الجيش الإسرائيلي، والتفوق الأمني في إسرائيل، وهناك جنود قتلى أمس في قطاع غزة، ووصول مسيَّرات الحوثي إلى أهدافها، إلى جانب قتلى القدس.

* *

آن للعالم، لأمريكا تحديداً، الأخذ بخطوات وقرارات فورية لوقف الوحش الإسرائيلي، ومنعه من ممارسة أعماله الإرهابية، بدلاً من دعمه وتفهم طموحاته، وعدم إنكار ما يقوم به من مجازر في قطاع غزة تحت نظر العالم وسمعه.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد