تتميز زيارة سمو ولي العهد رئيس الوزراء البحريني، لجمهورية مصر العربية، بأهداف كبيرة، وتشمل إلى جانب بحث العلاقات الاقتصادية والسياسية، إبرام اتفاقيات مهمة، والتنسيق لحماية الرؤى والمصالح وتعزيز الأمن، وكذلك التعامل مع التدخلات الخارجية في الشؤون العربية. أحرص في مقال اليوم على تقديم نبذة مختصرة عن صياغة البحرين ومصر لرؤية مشتركة لهما؛ ما رسّخ دورهما المؤثر والمتكامل جغرافيا وسياسيا.
المعطيات واضحة، فكلا البلدين يمثلان منارات للحضارة، كما أنهما ركنان أساسيان في تاريخ المنطقة، ومصدر جوهري لدفع مسيرة التعاون الراقي في الشرق الأوسط.
أتحدث هنا بالدرجة الأولى عن أمن وصيانة الدول، وحمايتها من التهديدات من أي اتجاه، وضمان استقرار شعوبها، وسلامة أجوائها وأراضيها ومؤسساتها. ولعلي أضيف أن المواقف النبيلة للمنامة والقاهرة في نصرة الحق، وإعلاء قيم التعايش والسلام، تقف سدا منيعا بحزم وصلابة أمام كل محاولات التدخل في شؤون المنطقة.
شد انتباهي خلال الحفل الذي أقامته سفارة جمهورية مصر الشقيقة لدى مملكة البحرين أخيرا، تأكيد أواصر العلاقات الأخوية المتميزة وسبل تقويتها على الصعد كافة، والارتقاء بها إلى آفاق أرحب من التعاون المشترك بما يخدم مصالح البلدين ويلبي تطلعات الشعبين الشقيقين. التاريخ يشهد على وقوف المملكة إلى جانب القاهرة في محطات عديدة، وتلك المواقف ستظل دوما محل تقدير واحترام القيادة السياسية والشعب المصري.
ليس من المستغرب أن لكلا الدولتين اهتمامات متشابهة، وأقصد تحديدا موقفهما من الأوضاع المستجدة في المنطقة، ومن مجمل الأحداث الإقليمية والدولية. فكلا البلدين يحرصان على تبادل وجهات النظر حول عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، مثل مكافحة أشكال الإرهاب كافة، وبذل الجهود الرامية لإحلال السلم والاستقرار في هذه البقعة الحساسة من العالم.
إضافة إلى ما سبق، يسعى كل من مصر والبحرين، كعضوين مهمين في جامعة الدول العربية، إلى تعزيز التعاون بينهما في مجالات الأمن والدفاع، ومواجهة المخاطر، والتشاور الدائم في مختلف المحافل العالمية. وهذه أدلة واضحة على حرص البلدين على دعم وحدة الصف العربي، ومواجهة التحديات الراهنة بروح التضامن والإخاء.
المعطيات معروفة، فاللجنة المشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي بين الدولتين تسعى لتطوير العلاقات بينهما على الصُعد كافة. ومن الأمثلة على ذلك حرص المنامة على دعم الاقتصاد المصري، ومشاركتها في أغسطس 2015 في حفل تدشين قناة السويس الجديدة، وتشجيعها للسياحة في مصر.
هكذا تعمل المنامة والقاهرة على تجسيد عمق العلاقات بينهما. وقد أكدت المنامة أكثر من مرة أن جهود مصر جديرة بالثناء لأنها تعكس التزام “أم الدنيا” بالسلام والاستقرار الإقليميين. وليس لدي أدنى شك في أن هذه المرحلة تؤكد تميز هذه الروابط العريقة وحرص البلدين على التشاور بينهما حول القضايا كافة لضمان تحقيق كل ما فيه خير للدولتين والشعبين الصديقين.
تأهل البحرين ومصر للنجاح إقليميا وعالميا ليس بمستغرب؛ فقد تم انتخاب البحرين لعضوية مجلس الأمن الدولي للفترة 2026 - 2027، وهو إنجاز يعكس ما تحظى به المنامة من احترام وتقدير وثقة العالم لدورها الفاعل في دعم الاستقرار. كذلك تحتضن مصر جامعة الدول العربية، ولها دور محوري في التجارة العالمية من خلال قناة السويس، وإرث حضاري كمهد للحضارات القديمة، بالإضافة إلى دورها العربي والإقليمي كمركز للثقافة والفن والتعليم.
كلمة أخيرة: كما أن العلاقات بين البحرين ومصر تاريخية وأخوية، أساسها التواصل والمحبة بين قيادتي وشعبي البلدين، فهي أيضا تمثل نموذجا رائعا يُحتذى به في الدول العربية. ولا شك في أن تدعيم أواصر هذه الصلات الحميدة ينطلق اليوم بقوة بفضل الزيارة الميمونة لسمو ولي العهد، للقاهرة، وما تعكسه من تفاعل وتكامل بين الدولتين الشقيقتين.