: آخر تحديث

عفواً.. هاكان فيدان

4
4
5

خالد بن حمد المالك

أعلنت تركيا عن قطع علاقاتها التجارية، مع الإبقاء على العلاقات الدبلوماسية، ودون الإعلان عن سحب سفيرها في إسرائيل وإغلاق السفارة، والطلب من إسرائيل إغلاق سفارتها في تركيا، وهو تطور لافت في العلاقات التركية الإسرائيلية التاريخية.

* *

ولا أريد أن أقول إن ما هو مطلوب من تركيا أكثر من قطع التعامل التجاري، وأن هذا الإجراء المفرح والمقدر قد تأخر كثيراً، وأن لدى تركيا فرصة لدور أكبر في منع إسرائيل من حرب الإبادة بحق الشعب الفلسطيني في غزة، لأن هذا متروك لتقديرها وسياساتها.

* *

ما أريد قوله، مع عدم التقليل من الخطوة التركية، حتى ولو كان تأثيرها محدوداً، أنها بذلك ترسل رسالة تؤكد فيها على جرائم إسرائيل، بالتزامن مع حشد المملكة لدول العالم للاعتراف بدولة فلسطينية، ونجاح المملكة في تنظيم مؤتمر لهذا الهدف، ونجاحه في إقناع الدول الأوروبية للاصطفاف مع بقية دول العالم للاعتراف بها.

* *

ما دعاني لإثارة هذا لموضوع عن التطورات في العلاقات بين تركيا وإسرائيل ما تحدث به وزير خارجية تركيا هاكان فيدان عن إغلاق موانئها أمام السفن الإسرائيلية وأجوائها أمام الطائرات العسكرية، وما قاله نصاً بأنه (لا يوجد في العالم حالياً بلد اتخذ خطوات متقدمة أكثر من تركيا، ولا توجد دولة أخرى قطعت تبادلها التجاري مع إسرائيل بشكل كامل كما هي تركيا، ومنعها السفن والحاويات التي تنقل الأسلحة والذخائر إلى إسرائيل بالدخول إلى الموانئ التركية، والطائرات المحمَّلة بالسلاح بعبور الأجواء التركية).

* *

هذه الإجراءات التي اتخذتها تركيا على أهميتها تأتي متأخرة للغاية، فقد أوشكت إسرائيل على أن تنهي احتلالها لقطاع غزة، بعد أن قتلت وأصابت مئات الآلاف، ودمَّرت شبه الكامل للقطاع، ولا يزال القتلى في ازدياد، بما لا سابق له في التاريخ، حيث الإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل، مروراً بالأسلحة عبر موانئ وأجواء تركيا.

* *

وما يلفت النظر في كلام الوزير التركي القول بأنه لا يوجد في العالم من الدول من اتخذت ما اتخذته تركيا لدعم القضية الفلسطينية، لكونها قطعت العلاقات التجارية مع إسرائيل، ومنعت نقل السلاح عبر موانئها وأجوائها إلى إسرائيل، ولعله غفل عن أن المملكة ودولاً أخرى لا تعترف بإسرائيل كما هي تركيا، ولا يوجد لها أي تعاون تجاري، أو تمثيل دبلوماسي معها، فكيف يصح أن تكون تركيا هي الدولة الوحيدة في العالم التي اتخذت خطوات متقدِّمة أكثر من غيرها لدعم الشعب الفلسطيني، وهي التي ظلت على علاقة تجارية مع إسرائيل حتى 22 من الشهر الماضي، دون احتساب أو الإشارة إلى السنوات السابقة من العلاقة المتميزة بين البلدين.

* *

وماذا أبقى وزير خارجية تركيا من دور للمملكة، وهي التي نظَّمت عدداً من المؤتمرات العربية والإسلامية لخدمة القضية الفلسطينية، ورأس وزير خارجيتها عدداً من وزراء الدول الإسلامية في جولات مكوكية للدول المؤثِّرة في العالم لكشف جرائم إسرائيل، دعك عن الدعم المالي والإغاثي والسياسي المتواصل تاريخياً، ورفض أي اعتراف بالدولة اليهودية، أو إقامة علاقات معها، ما لم توافق إسرائيل على الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

* *

ولا أريد أن أذكِّر وزير خارجية تركيا بمؤتمر نيويورك الذي قادته المملكة وشاركتها فرنسا في رئاسته، وجمع مختلف دول العالم، ونتج عنه استعداد الكثير منها للاعتراف بقيام دولة للفلسطينيين، بما في ذلك غالبية الدول الأوروبية، وسوف توثَّق هذه الاعترافات في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال هذا الشهر.

* *

تركيا دولة إسلامية مهمة، ويقع عليها مسؤولية الدفاع عن القضية الفلسطينية، وهي تفعل ذلك، لكن مواقفها لا تصل إلى إنكار أدوار وحق الدول الأخرى، أو إلى تهميشها، وهذا ما كان لي من ملاحظة على تصريح الوزير التركي، مع قناعتي بأن الموقف الأمريكي الصادم دائماً هو ما أفشل قيام الدولة الفلسطينية، وعزَّز موقف إسرائيل في ممارسة حرب الإبادة، وشجَّعها على التوجه نحو ضم قطاع غزة والضفة الغربية لها.

* *

الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني سوف تتأخر ما لم تغيِّر أمريكا من سياساتها، وما لم تكن دول العالم متضامنة في إحقاق الحق، وحماية القوانين الدولية من اختراقها، سواء باستخدام الفيتو لنصرة الظالم والمعتدي والمحتل، أو من خلال تزويده لإسرائيل بالسلاح لقتل الأبرياء، وفرض سيطرته عليهم.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد