: آخر تحديث

الأثرياء قادمون إلى دبي

0
0
0

علي الزوهري

الأثرياء لا يأتون إلى دبي مصادفة، بل لأنهم مدركون مكانة هذه المدينة، التي تجاوزت فكرة المكان، لتصبح فلسفة في العيش والإدارة والتخطيط. دبي لم تَعُد وجهة تبحث عن المستثمرين، بل أصبحت هي التي تلهمهم. إنها تقدم نموذجاً اقتصادياً فريداً، في زمن تتساقط فيه نماذج كثيرة حول العالم، تحت ضغط الضرائب والأزمات والشكوك.

ما يجري اليوم ليس مجرد حركة رؤوس أموال وأثرياء يلجؤون لها ويحمون أموالهم، بل هجرة نوعية للعقول والفرص والثروات، نحو مدينة قررت أن تصنع المستقبل بدل أن تنتظره.

في دبي، لا تُقاس الجاذبية بالأبراج ولا بالمراكز التجارية، بل بقدرة النظام والإدارة، على تحويل الطموح إلى واقع، فغياب ضريبة الدخل ليس تفصيلاً محاسبياً، بل فلسفة اقتصادية، تقوم على الثقة بين الدولة والفرد، وتترجم رؤية عميقة بأن النمو الحقيقي لا يتحقق إلا حين يشعر الإنسان أن جهده سيُثمر له لا عليه.

هؤلاء القادمون من أوروبا وروسيا والصين والعالم، ومن عواصم تتآكل فيها فرص الأمان المالي، لم يختاروا دبي لأنها الأرخص أو الأجمل فحسب، بل لأنها الأوضح والأكثر استقراراً وأماناً.

وجدوا فيها نظاماً يحترم الكفاءة، ويكافئ المبادرة، ووجدوا مجتمعاً متنوعاً، يرحب بالنجاح، دون أن يسأل عن أصله أو لونه أو دينه. إنهم يأتون ليكونوا جزءاً من قصة بدأت قبل نصف قرن، وما زالت تُكتب كل يوم بلغة الطموح الإماراتي.

في المقابل، تحتفي دبي بهذا التدفق، لا كاستعراض للثروة، بل كإشارة إلى نضج تجربتها الاقتصادية والإنسانية. فهي لا تنظر إلى الأثرياء كأرقام في حسابات البنوك، بل كقيمة مضافة، تدعم اقتصادها، وتثري نسيجها الاجتماعي، وتفتح أبواب المستقبل أمام أجيالها.

من يتأمل هذا المشهد، يدرك أن دبي لم تَعُد وجهة الأغنياء فحسب، بل وجهة الحالمين بالازدهار المنظم، والعقول التي تبحث عن فضاء آمن للإبداع والمنافسة. إنها مدينة تُعيد تعريف الثروة، لا بوصفها امتلاكاً المال، بل بامتلاك الرؤية.

ولذلك، حين نقول إن الأثرياء قادمون إلى دبي، فنحن في الحقيقة نقول إن العالم يسير بخطى ثابتة نحو نموذج إماراتي في التفكير والإدارة الصحيحة، حيث تتلاقى الكفاءة مع الثقة، والفرصة مع الطموح، في مدينة تُشبه المستقبل، أكثر مما تُشبه الحاضر.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد