خالد بن حمد المالك
حرب طاحنة، وتصلب في الموقف من الطرفين، والضحية الشعب السوداني الشقيق، وخسارة للممتلكات الخاصة والعامة، وإهدار للوقت في استكمال واستمرار بناء الدولة، وخلق هذه الفوضى، وإبقاء الدولة تحت النار المشتعلة، من غير أمان، وتعريضها للتمزق، وخسارة كل شيء أنفق على مدى قرون لإقامة الدولة السودانية.
* *
وليس هناك ما يشير إلى قُرب توقف الحرب، هناك تصعيد مجنون، وتفريط في كل المقترحات للتهدئة، وتالياً عدم التوصل إلى توافق يزيل الاحتقان، ويعيد ما انقطع من علاقات تعاون ومودة بين الطرفين الجيش والدعم السريع، لمصلحة السودان، والشعب السوداني الشقيق إن تحقق ذلك.
* *
هناك دول أجنبية تُغذي هذا الصراع، وتدفع بالطرفين إلى استمرار القتال، وكل طرف له مناصروه من الخارج، ما عرّض البلاد لأن تكون دولة مُهددة، ولتكون أرضاً محروقة، تُدار بسياسة قتل الأخ لأخيه، وهدم كل المنشآت، ما هو منها أملاك عامة أو خاصة.
* *
إن ما يجري في السودان وصمة عار للجميع، لأن استمرار الحرب، بلا هدف كما هو الآن، لا يخدم إلا أعداء السودان، ممن لهم مصالح لإنهاكه وإضعافه، وجعله في حالة حرب دائمة، وتعريضه لأن يتحول إلى مجموعة من الكيانات لا رابط بينها، تتنازع على السلطة، والحدود، والمساحات، وبما يقوّض السودان الموحد.
* *
لقد ظلت الحرب بين الشمال والجنوب سنوات طويلة، فقد فيها السودان الكثير من أبنائه، وتعرّض لخسائر أخرى اقتصادية ومالية، وانتهت الحرب بانفصال الجنوب عن الشمال، وهو ما تُهدد به الحرب الحالية، لانقسامات أخرى، وتشكيل جديد لخارطة السودان، مُلبيّة بذلك رغبة الداعمين لهذه الفتنة، ولاستمرار الحرب.
* *
وفي نهاية المطاف، فإن أحداً من الطرفين لن تتاح له الفرصة لهزيمة الطرف الآخر، طالما وجد من يغذّي هذه الحرب من الخارج بالسلاح والمال، والالتزام باستمرار الدعم، وهذا ما يفرض على العقلاء من الطرفين بالتوجه فوراً نحو إيقافها، وهذه شجاعة في موقف لمنع ما نراه من أوضاع مأساوية يمر بها السودان، وما هو متوقع من أن تكون عليه البلاد من سوء في المستقبل.
* *
على الحكماء في السودان ممن ليسوا طرفاً في هذه الحرب، أن يقوموا بدورهم في التوسط لوضع حد لهذا الصراع، والاتجاه بالدولة السودانية إلى ما يعزّز أمنها واستقرارها ووحدة أراضيها، ومنع أي عمل يُضر بها، فما من دولة سلكت ما يسلكه السودان الآن، إلا وانتهى بها الأمر إلى ما يُهدد مستقبل البلاد، وآن للسودانيين أن يفكروا في هذا جيداً، حرصاً على مصالحهم، وحماية لدولتهم من خسائر قادمة، إذا ما تُرك للحرب أن تستمر.
* *
السودان يحتاج إلى جيش واحد، لا إلى جيشين، وإلى حكومة واحدة لا إلى حكومتين، وما يحدث الآن ليس هو الخيار لكسب المعركة ولن يكون، المصلحة تقتضي بالإبقاء على الجيش الوطني، وعلى الحكومة المعترف بها دولياً دون منازع.