: آخر تحديث

ما وراء زيارات نتنياهو لأمريكا

7
5
5

خالد بن حمد المالك

ثلاث زيارات قام بها رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو إلى أمريكا، واجتمع فيها مع الرئيس الأمريكي ترامب، أي بمعدل زيارة كل شهر تقريباً للبيت الأبيض لطبخ قرارات ما تم في المنطقة من تطورات، وتحديداً حرب غزة، وحرب حزب الله في لبنان، وحرب إيران، والضربات للحوثي في اليمن، والهجوم الإسرائيلي المتكرر على سوريا دون رد.

* *

الرئيس الأمريكي يضع نفسه وسيطاً لإحلال السلام في المنطقة، وفي ذات الاتجاه فهو شريك أو خصم مع إسرائيل ضد من ترى واشنطن أنهم يهددون وجود إسرائيل لا بوصفها دولة محتلة، فيأتي الموقف الأمريكي متسقاً مع حماية إسرائيل بالمفاوضات مع الاحتفاظ والتمسك بطلباتها، فضلاً عن دعمها عسكرياً وسياسياً، وإن تطلَّب الأمر مشاركتها ميدانياً، وهو أسلوب لا تتقنه غير الولايات المتحدة الأمريكية، دون أن تلقي بالاً واهتماماً لمن يعارضها، أو يحتج على انحيازها إلى جانب إسرائيل.

* *

ومما يلفت النظر في موقف الرئيس الأمريكي ترامب من حرب غزة تحديداً تناقضه في تصريحاته، فأحياناً يظهر تعاطفه مع ما يمر به الفلسطينيون في غزة من وضع مأساوي، وفي نفس الاتجاه فهو ضد المحكمة الجنائية الدولية باعتبارها ما يجري حرب إبادة بقيادة نتنياهو، ولم يكتفِ بالاعتراض على إصدرها مذكرة اعتقال ضد رئيس وزراء إسرائيل، ولكنه سارع بإصدار عقوبات ضد القضاة.

* *

يحاول الرئيس ترامب أن يبقي على هامش صغير مما يجب أن يقوم به حماية للفلسطينيين من إبادتهم على أيدي الإرهابيين الإسرائيليين، لكن أي موقف كهذا لن يمسح موقف أمريكا من أنها هي من تموِّل الجيش الإسرائيلي لقتل الفلسطينيين بالسلاح والعتاد، والدفع به لارتكاب الجرائم غير المسبوقة في التاريخ ضد شعب تحت الاحتلال، والويل لمن يندِّد بحرب الإبادة من موقف أمريكي صادم.

* *

وحين يقوم نتنياهو بترشيح الرئيس ترامب لجائزة نوبل فهذا غير مستغرب أمام ما لقيه منه من دعم في حروبه واعتداءاته في عدة جبهات، ولكنه ترشيح ساقط، ويسيء للرئيس الأمريكي أكثر مما يرفع من شأنه، كون من رشحه غير مؤهل، عقلياً وسلوكياً، وله تاريخ ينضح خبثاً ومؤامرات وجرائم، ويداه ملطختان بدماء الأبرياء، إنه باختصار قاتل، وإرهابي بامتياز.

* *

إن هذا التزلّف للرئيس ترامب هدفه الحصول على مزيد من الدعم، المالي والعسكري والسياسي، وكأنه يقدّم هدية يسترضي بها الرئيس الأمريكي، لأنه لا يملك فيما عدا هذا الخطاب للمسؤولين عن الجائزة ليكرم به من دافع عنه لحمايته من العدالة التي أكدت على استحقاقه للعقاب على جرائمه في غزة.

* *

وأن تتوالى زيارة رئيس الوزراء إلى أمريكا في ظل أجواء ساخنة وملتهبة بفعل عدوان إسرائيل في عدة جبهات، فهو مؤشر غير سار على هذا الحلف بين ترامب ونتنياهو، وخبر يرسل إشارات على ما يُبيّت للمنطقة، بينما لا ذكر في المباحثات الثنائية بينهما للقضية الفلسطينية، وللدولة الفلسطينية، ولا عن الاعتداءات الإسرائيلية في الضفة الغربية من قبل المستوطنين مدعومين بحماية من الجيش، ولا حديث عن الحالة التي يمر بها المسجد الأقصى، ولا تفاصيل عن انتهاء الوجود الإسرائيلي في قطاع غزة، أي أننا أمام مستقبل يلفه الغموض، والضبابية، والمجهول.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد