: آخر تحديث

خليك في شغلك يا سيد ماسك

3
3
3

حمود أبو طالب

يبدو أن مغناطيس السلطة له قوة خارقة تستطيع إغواء أغنى الأغنياء الذين بإمكان ثرواتهم تحقيق الصيت والتأثير وحياة البذخ الصاخبة والعامرة بالملذات. شيء ما يشعرون أنه ينقصهم، السلطة، اعتلاء مؤسسة الحكم، يبحثون عن تلك النشوة عندما تكون صاحب سلطة على ملايين البشر وليس على الآلاف من موظفي شركاتك، رغم معرفتهم بهامش المخاطرة الكبير في هذا المجال.

قبل يومين أعلن رجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك عن تأسيس حزب سياسي جديد، يحمل اسم «حزب أمريكا»، قائلاً إنه جاء استجابة لرغبة غالبية المواطنين في التغيير السياسي. ماسك الذي يتربع على عرش المليارات، وبالكاد يستطيع متابعة أعماله، أصابته عدوى السياسة عندما اقترب كثيراً من دونالد ترمب في حملته الرئاسية وأصبح أكبر داعميه. وبعد دخوله البيت الأبيض كلّفه ليشرف على إدارة بالغة الحساسية هي «كفاءة الإنفاق»، والتي لا بد أن تصطدم مع جهات كثيرة ومؤثرة. السياسة جعلت شهر العسل قصيراً بين ماسك وترمب. عاد ماسك إلى شركاته لكنه بدأ ينتقد ترمب بشكل تصاعدي، ووصل الأمر ذروته بإعلان ماسك إنشاء حزب جديد بمسمى «حزب أمريكا»، وما الذي يريد الحزب أن يفعله يا سيد ماسك؟ يجيب قائلاً (يهدف إلى إعادة الحرية إلى الشعب الأمريكي وخلق بديل حقيقي للمؤسسات السياسية التقليدية التي فشلت في خدمة المواطن. وعندما يتعلق الأمر بإفلاس بلدنا بسبب الهدر والفساد، فنحن لا نعيش في ديمقراطية، بل في نظام حزب واحد يحتكر القرار).

ترمب أذكى كثيراً من ماسك، لأنه دخل مضمار السياسة كي يصبح رئيساً من خلال حزب تأريخي عريق يحتكر مع الحزب الديمقراطي إدارة أمريكا. نشوة وعظمة الجلوس في المكتب البيضاوي غير الجلوس في مكتب إدارة الإنفاق، لذلك كان لدى ترمب مبرر للنضال من أجل العودة إليه وتسجيل الرقمين 45 و47 في تأريخ الرئاسة الأمريكية. أما ماسك رغم ذكائه في الأعمال التجارية فإنه خسر كثيراً بالتورط في اللعبة السياسية بدخوله في إدارة ترمب من خلال مهمة حساسة كانت ستؤدي إلى خلاف مؤكد، وهذا ما حدث. لكنه لم يستوعب التجربة ويكتفي من الخسارة بالإياب، إذ يبدو أن فايروس السياسة بدأ يستشري فيه، فذهب بعيداً في مهمة لن تنجح، وهي تأسيس حزب سياسي جديد بعد أن هدم جسر العلاقة مع الرئيس ترمب ومعظم أطراف الأخطبوط السياسي الذي يدير أمريكا. ماسك بدأ يلعب بالنار داخل مؤسسة جبارة لا ترحم من يتجرأ بالتطاول عليها.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد