في حفل تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أطلق تصريحات عبّر فيها عن رغبته الصادقة في إنهاء الحروب والنزاعات حول العالم، ليخلّد اسمه في التاريخ بوصفه صانع السلام والوحدة، وقائد مرحلة جديدة تسودها التنمية من أجل رفاه الشعوب. لاقت تلك التصريحات في حينها قبولاً واسعاً، وبدا وكأن العالم يستعد فعلاً لعهد جديد من الوئام والازدهار، بعيداً عن ويلات الحروب والدمار.
هذه الآمال اصطدمت سريعاً بعقبات في مقدمتها التعنّت الإسرائيلي الذي لم يتوقف عن سياساته العدوانية ضد الشعب الفلسطيني، بدءاً من تدمير غزة وتهجير أهلها، وصولاً إلى تصعيد التوترات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لقد بدت إسرائيل في هذه المرحلة وكأنها العقبة الأكبر أمام تحقيق السلام، في وقت بدأت فيه كثير من شعوب العالم تنظر إلى ممارساتها بازدراء ورفض، معتبرة أنها تشكل تهديداً للاستقرار الإقليمي والدولي.
في وقت يتجه المجتمع الدولي إلى نبذ سياسات الاحتلال والعدوان، داعياً إلى إعلاء صوت السلام، وبناء جسور التعاون بين الشعوب والدول من أجل مستقبل أكثر أماناً وعدلاً، ولا شك أن المملكة، بثقلها السياسي والديني والاقتصادي، تواصل جهودها المخلصة لوضع حد للصراعات، وهي تنطلق في ذلك من موقف ثابت يتمثل في احترام سيادة الدول، ورفض التدخل في شؤونها، والعمل على حل الخلافات بالطرق السلمية.
لقد عبّرت المملكة بوضوح عن رفضها لأي مساس بأمن دول الخليج، كما أدانت الاعتداءات الإسرائيلية المستفزة ضد طهران، مؤكدة دعوتها إلى إشاعة السلام في المنطقة، بعيداً عن الاقتتال الذي لا يُنتج سوى الخراب، انطلاقاً من قناعتها الراسخة بأنه لا منتصر في الحرب، وأن الحلول السلمية وحدها هي الكفيلة بتحقيق أمن الشعوب واستقرار الدول.
العالم اليوم مدعو أكثر من أي وقت مضى إلى الوقوف أمام مسؤوليته الأخلاقية والإنسانية، وتغليب لغة الحوار على لغة السلاح، من أجل أجيال تتطلع إلى مستقبل خالٍ من الدمار والكراهية، ومليء بالأمل والعمل المشترك.