> أيام كانت تذاكر السفر وأسعار الفنادق رخيصة، تمتع عدد كبير من النقاد العرب والأجانب بدعوات من مهرجانات السينما، حتى الصغيرة منها.
> على هذا الأساس، دُعيتُ إلى «مهرجان كورسيكا» لأكتشف أنني شاهدتُ كل الأفلام المعروضة باستثناء فيلم واحد. بعد مشاهدة هذا الفيلم، وكان تونسياً، والجلوس إلى مخرجه، أمضيتُ معظم أيامي في المقاهي والمطاعم.
> في جزيرة بانتيليريا في صقلية، أمضيتُ أيامي الستة على البحر. الفيلم الوحيد الذي ذهبتُ إليه كان في الهواء الطلق، وكانت الشاشة عبارة عن شرشف عريض. ما إن هبّ الهواء حتى أخذ يتلاعب بالصورة. نظرتُ إلى السماء وأدركتُ أنها ستمطر. أخبرتُ بعض الحضور بذلك، لكن أحداً لم يقتنع. ركبتُ الحافلة التي جئنا بها. وما إن ابتعدتُ عائدة إلى المدينة، حتى انهمر مطر غزير. تستطيعون تخيّل نحو 30 فرداً في مكان بلا سقف يسارعون إلى الطريق بحثاً عن حافلة غير موجودة.
> لكن المهرجانات الصغيرة المُدارة جيداً لها مزايا فنية تنبع من برامجها المُعتنى بها. أحدها كان في منطقة توسكانا في إيطاليا، مخصصاً للأفلام القصيرة. وفي شمال أريزونا، بين تلك الجبال الصخرية الشامخة، ومثل «مهرجان باريس» الذي حضرته بالصدفة.
> بعض المهرجانات التي بدأت صغيرة كبرت حجماً فيما بعد، مثل «تاورمينا» الإيطالي و«كارلوڤي ڤاري» التشيكي. بعضها الآخر كان كبيراً وبات صغيراً، مثل «سان فرانسيسكو» و«شيكاغو» في الولايات المتحدة. والبعض الثالث توقّف.
> السفر أيضاً كان متعة بحد ذاته. البيئة السياسية وعوامل الخوف من الإرهاب لم تكن موجودة كما هي اليوم. كنتُ أحياناً أذهب إلى المطار، وأنظر إلى الشاشة المعلّقة، وأختار المكان الذي أودّ السفر إليه... الآن. وبأرخص الأسعار.