: آخر تحديث

مرضى وخيالات المكان

10
9
7

هل سمعت يوماً عن حالة رجل أو امرأة قاما بعمل هستيري عنيف ضد نفسيهما وضد الآخرين، في مكان أو مزار أو محجٍّ له صفة دينية أو ثقافية أو تاريخية خاصّة؟

هل حاولت فهم هذا السلوك؟

تابعنا مِراراً عن قصة شخصٍ يصرخ معلناً أنه المهدي المنتظر أو المسيح المخلص، في باحات الحرم المكّي، أو ساحات القدس، أو يعلن آخر أنه صاحب الزمان أو المبشّر بصاحب الزمان، في العتبات الشيعية بالنجف أو كربلاء.

هناك متلازمة نفسية تمّ رصدها في مدينة القدس، اسمها «متلازمة القدس» تعتري أشخاصاً ليس لهم تاريخ مرَضي نفسي، لكنهم فجأة يُصابون بالهوس والتصرفات الهستيرية، عند زيارة الأماكن التي تحظى بقدسية خاصّة في هذه المدينة، عند اليهود والمسيحيين والمسلمين، على حدٍّ سواء.

الكاتب السعودي فهد عامر الأحمدي كتب قبل سنوات مقالة بعنوان «متلازمة القنبلة المقدسة»، ذكر فيها ملاحظة مهمّة، قال فيها: «... بما أنني من سكان المدينة المنورة سأخبركم بسندروم جديد أطلق عليه شخصياً اسم (متلازمة القنبلة المقدسة)... فنحن نستقبل كل عام أكثر من أربعة ملايين زائر وحاج نكتشف بينهم مجانين ومتطرفين ومرضى نفسيين يأتون للحرم مدفوعين بأفكار دينية غريبة، وآخر زائر رأيته من هذه النوعية تم إخراجه بالقوة من داخل الحرم النبوي -لا أعلم لماذا بالضبط- ولكنه كان يكفّر المصلين ويشتم المارة ويصف رجال الشرطة بالزندقة، لأنهم يلبسون (البسطار) فوق رخام الحرم».

بالمناسبة هذا الهوس لا يقتصر على الأماكن الدينية المقدسة، بل حتى بعض المزارات التاريخية العريقة، مثال ذلك ما جرى في مزار وموقع جيش الإمبراطور «تشين» لتماثيل الطين (ويُعرف كذلك باسم «جيش تيراكوتا») المَعلم السياحي التاريخي الشهير في شيآن عاصمة مقاطعة شنشي، المدرج على قائمة «اليونسكو» للتراث العالمي.

فقد ألقى زائر صيني يبلغ 30 عاماً، قبل أيام، نفسه من ارتفاع أكثر من 5 أمتار على تماثيل الجيش الصيني التاريخي القديم، وأضرّ نفسه وبعض التماثيل.

السلطات المحلية أفادت في بيان بأن الرجل «تسلق السياج وشبكة الحماية وقفز»، لافتة إلى أنه جرى تشخيص حالته على أنه «مريض نفسي». وقالت إن القضية قيد التحقيق حالياً.

تظلّ هذه النوعية من البشر قِلّة، لكن الانتباه لها واجب، والمضحك المبكي أن ما يراه العقلاء أحياناً ضرباً من الجنون وضعف العقل، حقّه العلاج أو السيطرة عليه، يصير من بعض الأتباع موضوعاً جِدّياً له أنصاره، هنا يصير ليس الانتباه هو الواجب، بل الحزم وقلع البذرة قبل أن تستوي شجرة كبيرة ذات أغصان.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد