ريهام زامكه
في كل تجمّع بشري لا بد أن تجد هذاك الشخص الذي إذا سألته بكل بساطة: كم الساعة؟ يرد عليك: «الوقت مفهوم نسبي يا صديقي»!
فهناك فئة من الناس تعشق الفلسفة حتى لو كانت (على غير سنع)، يتفلسفون لمجرد أنهم يريدون ذلك، أو يحاولون أن يثبتوا للآخرين أنهم مختلفون بشكل أو بآخر، وباختصار هُم يعانون نفسياً، ونحن نعاني من (عيناتهم) واقعياً.
وصدقوني لو كان صديقي العزيز (سقروط) أو في رواية -سقراط- حياً يرزق لدفن نفسه ليرتاح منهم.
وعن نفسي؛ لا أحب الفلسفة بجميع أنواعها، ودائماً أبحث عن البساطة وعدم التعقيد في كل شيء في حياتي، أريد أكلاً يؤكل، وكلاماً يُفهم، وسؤالاً يجاوب عليه بدون مقدمة أطول من نشرة أخبار التاسعة.
وبالمختصر أنا إنسانة بسيطة، إذا جعت أكلت، وإذا شبعت حمدت الله، وإذا نعست نمت، وإذا تفلسف (على راسي) أحدهم وضعته على السايلنت Silent mood.
وعلى طاري الفلسفة؛ حاول أحد الأزواج (الظرفاء) بينما كانت زوجته تعد له وجبة الفطور وهو يقرأ الجريدة، وسألته بلطف:
- هل تحب يا زوجي العزيز أن أطهو لك بيض مسلوق أم بيض عيون؟
فرد الزوج عليها بكل فلسفة قائلاً:
- الحب يا عزيزتي لا يقاس بنوع البيض الذي سوف تطبخينه لي، بل بنية تقديمه، هل أنتِ تطهينه لأنك تُحبينني، أم لأنك تخافين مني؟!
- فنظرت زوجته إليه بنظرة حادة وكسرت بيضة وقالت:
- بصراحة، أطبخه لأني لا أريدك أن (توطوط) جهة المطبخ نهائياً حتى (لا تحوس) لي الدنيا.
- لكنه لم يتوقف عند هذا الحد، بل قال لها:
- أترين؟ نحن نعيش علاقة زوجية مبنية على الخوف من الفوضى، لا على الحب الخالص بيننا، وهذه هي المأساة.
- فلم تتحمل الزوجة فلسفته، وذهبت إليه و(فقشت) البيضة الثانية فوق رأسه وقالت له: (هيّا خلّي فلسفتك تفطرك) يا حبيبي.
عموماً؛ هذه مشاكل عائلية لا علاقة لنا بها، أخبروني من فضلكم من الذي جاء أولاً البيضة أم الدجاجة؟!
وعلى كل حال؛ في حياتنا اليومية قد نصادف أمثال هؤلاء الناس، الذين لديهم قدرة خارقة على تعقيد أي شيء بسيط وتهويله، تسألهم: كيف الجو؟ يردون عليك: الجو مجرد انعكاس لحالتك النفسية، فأحيان تكون الشمس طالعة ولكن قلبك مغيم، وأحيان تمطر ولكن روحك في صحراء، وإذا صمت:
قالوا لك الصمت أبلغ من الكلام، وأنت وقتها لا تفكر إلا بشيء واحد، متى يطبقون هذه الحكمة ويسكتون.
خلاصة المقال:
بالفعل هذه الفئة من البشر تشعر أنهم ينامون على كتب (نيتشه)، ويستيقظون على فطور (ديكارت)، ويؤمنون أن الحياة كلها قد تفسد إذا ما تعمقنا بها فلسفياً.
وبالمناسبة؛ سألت صديقة لي وهي «معلمة رياضيات»، وقلت لها في حديث عابر بيننا: متى تنامين ليلاً؟
فأجابتني: «في الساعة التي مربع ثلثها يساوي مكعب سدسها».
(عاد حلوها أنتم) عن نفسي قلت لها:
الله يشغلك في نفسك عساكِ ما نمتي.