عماد الدين حسين
وفي الأيام الماضية تأكد للجميع خصوصاً العرب، وبما لا يدع مجالاً للشك خطورة ظاهرة الميليشيات على استقرار الدول، بل ربما على وجودها ذاته.
ما حدث في العاصمة الليبية طرابلس درس وعظة لكل قوى التطرف في الوطن العربي، ومن سار خلفها وصدق ادعائها ومزاعمها بأن الميليشيا يمكن أن تحدث تغييراً أو استقراراً أو تقدماً.
نتذكر أن هذه الميليشيات سيطرت على العاصمة طرابلس وبعض المدن الليبية بعد سقوط نظام الرئيس معمر القذافي في نهاية عام 2011، ونتذكر أن أطرافاً إقليمية ودولية لعبت دوراً خطيراً في منع جمع أسلحة المسلحين والميليشيات التي ساهمت في إسقاط القذافي، وتحدثت التقارير وقتها عن وجود أكثر من 23 مليون قطعة سلاح، تحولت لاحقاً إلى وقود للاقتتال الأهلي ليس فقط في أيدي بعض الليبيين ولكن المرتزقة أيضاً.
يوم الاثنين الماضي وقعت اشتباكات ضارية في منطقة أبوسليم في طرابلس بين ميليشيا قريبة من حكومة عبدالحميد الدبيبة وبعض أجهزة الأمن من جهة، وميليشيا أخرى يرأسها عبدالغني الككلي وتدعى «جهاز الدعم والاستقرار»، وانتهى الأمر بمصرع الككلي المشهور باسم «غنيوة» وبعض كبار مساعديه، وسيطرة الميليشيات الأخرى القريبة من الدبيبة على منطقة أبوسليم.
لا توجد دولة انتشر بها وباء الميليشيات إلا وتعرضت للفتنة والتقاتل على أسس طائفية أو جهوية أو عرقية، وانتهى بها الأمر إلى الانقسام والفشل، والأمثلة في منطقتنا العربية كثيرة للأسف الشديد.
والدرس الليبي يقول لنا بوضوح أهمية أن يكون في أي دولة جيش واحد ومؤسسات واحدة حتى لو كان أداؤها لا يرضي الجميع، لأن عكس ذلك هو خطر على وجود الدولة نفسها.