: آخر تحديث

البحث عن قاع السوق وضياع الفرص

4
4
4

محمد سليمان العنقري

ينشغل أغلب المستثمرين خصوصاً المضاربين بالبحث عن قاع السوق أو السهم عند التراجع ويميل الغالبية لتحديد النقطة التي ستمثل أقل مستوى يصل له السوق أو سعر سهم الشركة، ويعد ذلك من أكبر الأخطاء التي يقعون فيها لأن القاع هو « منطقة وليس نقطة» فمن المستحيل أن تتحقق المثالية في أسواق المال أي تشتري عند أقل سعر أو مستوى وتبيع عند أعلى مستوى بالقمة فهي مجرد أمنيات، ومن صادف ان تحققت له مرة فهي مجرد صدفة غير قابلة للتكرار دائماً لذلك يجب التعامل مع الاسواق والاسعار بمنطق الواقعية والمهنية التي تعني أن الشراء أو البيع يكون وفق أسس علمية نابعة ايضاً من الخبرة بحيث يتم تحديد منطقة للشراء، وكذلك البيع بحسب التقييم العادل للسعر لمعرفة جاذبية السهم من عدمه أو متى تقتنيه ومتى تبيعه.

فالمستثمر يجب أن يكون دقيقاً بتوقيت الشراء والبيع فالمدة بينهما هي من تحمل له الربح الذي ينتظره وعادةً الأهداف الاستثمارية تتحقق على مدى سنوات حتى تكمل الشركة مشاريعها او خطط نموها، وكذلك تستفيد من نمو قطاعها قبل ان يقترب من الذروة حيث يبدأ المستثمرون بالتخارج على اعتبار أن الشركة نضجت ولن تتمكن من العطاء اكثر بالمدى المنظور نتيجة ظروف نشاطها، وهناك مقولة شهيرة لأحد أهم المستثمرين العالميين حكيم اوماها « وارن بافيت» الذي قال «إذا لم تكن مستعداً لامتلاك «سهم» لمدة 10 سنوات فلا تفكر لامتلاكه 10 دقائق» والتي تعكس حقيقة راسخة ان الاستثمار يجب ان يكون لسنوات ولا يتأثر قرار المستثمر بالشركة بتقلبات حركة السعر بالسوق بل بمتابعة أداء أعمالها ونتائجها وخطط نموها، والحال ينطبق على السوق بكامله أي اذا وصل لمرحلة الفقاعة أو القاع حيث يعكس بالضرورة بكلتا الحالتين اتجاه الاقتصاد المحلي او العالمي المستقبلي؛ لأن السوق قائد الاقتصاد اي يسبق نموه او ركوده باتجهاته.

ففي الوقت الحالي الذي تشهد في الأسواق والاقتصاد العالمي ضغوطاًً كبيرة بسبب الرسوم الجمركية التي أعلنتها اميركا ضد 180دولة وتحولها لحرب تجارية مع أكبر شركائها التجاريين مثل الصين وأوروبا وكندا والمكسيك، ظهر السؤال مجدداً: أين قاع السوق او السهم؟.

وهنا لابد من التذكير بأن توقعات حدوث الأسوأ بأي أزمة قادمة هي من تشمل القاع سريعاً وليس ثبات الأثر المحتمل فالاسواق والاسعار تستبق النتيجة المحتملة، ولذلك يتفاجأ الكثير بعودة الاسواق للارتفاع رغم صدور أرقام رسمية تؤكد وقوع الركود او التباطؤ بنمو الاقتصاد او ارتفاع التضخم الذي كان الجميع ينتظر ظهورها تبعاً لتداعيات الازمة عند انطلاق شرارتها، وهو ما يعني ان على المستثمر أن يقرأ الاوراق المالية أي الأسهم بشكل علمي ومهني دقيق؛ لكي يحدد قراراته المستقبلية بالاستثمار من عدمه او التخارج وإعادة التمركز بالقطاعات والشركات المستفيدة بالمرحلة القادمة، وذلك بعد أن تهدأ موجة الاضطرابات بالاسواق أي يعاين ما أفرزته بالسوق من تداعيات خفضت الاسعار وكشفت عن قيم جيدة قياساً بطبيعة نشاط الشركة وأهميته، وكذلك نسبة التوزيعات النقدية للسعر مقارنةً مع أسعار الفائدة أو الفرص البديلة إضافة لمكرر الربح وخطط النمو والتوسع المستقبلي..

أسواق المال لن تخبرك عن قاعها ولا الفرص التي تتولد فيها؛ فمعرفة ذلك تعود على عاتق المستثمر والذي يجب ان لا تخضع قراراته للعاطفة وينظر للفرص على المدى المتوسط والبعيد ليحدد توجهه الاستثماري ويتخذ القرار الصحيح بالوقت المناسب فانتظار أدنى أو أعلى سعر للسهم هي كمن يلاحق السراب ولذلك تضيع فرص التمركز أو التخارج لدى من يبحثون عن القمة والقاع.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد