سمر المقرن
من المؤسف والمعيب، أن يترك الشخص همومه وانشغالاته وحياته ليسكن حياة الآخرين، فيصبح حراً في حياة غيره، فيظل طول الوقت مهموماً لأن محور حياته الانشغال بغيره، فأصبحوا هم المحرك الأساسي لحياته فيعد حركاتهم وسكناتهم طوال الوقت، فلا يجني إلا عذاب مراقبة الآخرين وتتبع زلاتهم وخطاياهم وهو لا يعلم أنه من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر، فلكل إنسان أخطاء والأولى ستر زلاتهم وعدم كشفها، ولو أبصر الإنسان عيوب نفسه لانشغل بها عن عيوب الناس! ومن المثمر، أن ينشغل الإنسان بنفسه وبأفكاره وأحلامه وطموحاته فلا يصبح لديه الوقت أصلاً للانشغال بأحوال الآخرين والتفتيش عن عيوبهم، فمن انشغل بعيوب غيره ضاع عقله! وكما قال أحد الحكماء إن انشغال الشخص بعيوب الناس والتحدث بها بمثابة ورقة التوت التي يحاول أن يستر بها عيوبه هو شخصياً وسوءاته، وكما قال: (ابدأ بنفسك فانهها عن غيها فإذا انتهت فأنت حكيم).. أجمل شيء أن ينشغل الإنسان بالعمل على نفسه وتطويرها فلا يلتفت بتتبع أحوال الآخرين ما قالوا وما فعلوا ما أضحكهم وما أبكاهم، وما لبسوا وما أكلوا وما اشتروا وما ركبوا من سيارات ..... إلخ فهو بذلك كمن يستنزف حياته وطاقته وقلبه ويهب نفسه للعدم كمن يبسط كفيه للماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه! كما أن بداية نجاح الإنسان وتقدمه في حياته بعد هجر الانشغال بالآخرين، ألا يحمل ضغينة للغير أو يتمني له التعثّر في حياته، لأنه في غمرة ذلك يهمل نفسه وذاته ويحرم روحه من التطور والرقي!
خلاصة القول، إن من يراقب الآخرين لا يجني انشغال باله وخسارته فقط، بل ويصبح مكروهاً من الناس بغيضاً لا يطيقه أحد ولا يقترب منه أحد هذا عدا ثقة الآخرين التي يفقدها، ويبتعدوا عنه بعد المشرقين فالاقتراب من هذه النوعية خطر مميت لأنهم يفسدون حياة الآخرين حقداً وحسداً وبغضاً وكراهية، ولن يقترب منه ويصفق له إلا أمثاله ومن هم على شاكلته!
بقي التأكيد على أن سلامة القلب وإغلاق باب الكراهية بالابتعاد عن الانشغال بالناس والعمل على تطوير النفس وتحقيق طموحاتها وأحلامها بمعرفة العيوب الشخصية ومحاولة تداركها وبالاستماع للقول واتباع أحسنه وأفضله، وعندئذ يطور الإنسان من أدواته الشخصية ويحاول الإصلاح من عيوبها فيحقق نجاحاً في حياته الخاصة والعامة، ويفيد نفسه وأهله ومجتمعه ووطنه كما يحصد السلام النفسي وحب الجميع وهي مكاسب عظيمة جداً يحققها كثمرة طبيعية لعدم الانشغال بغيره!