: آخر تحديث

دليل المحتار في مستقبل الدولار !

4
4
3

حسين شبكشي

لا يزال العالم يتعامل مع الترددات والهزات المتلاحقة لزلزال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاقتصادي وقراراته المتعلقة بفرض تعرفات جمركية على معظم دول العالم، وباعتبار أن الولايات المتحدة الأمريكية تمتلك الاقتصاد الأقوى في العالم فإن هذا الأمر سيطال كل الدول بشكل أو بآخر.

في الترسانة الاقتصادية الأمريكية توجد العديد من الأدوات والأسلحة المؤثرة والفتاكة؛ منها حقوق الملكية الفكرية، والأسواق المالية، وسيطرتها على مؤسسات التقييم التأميني المالي، وكذلك سيطرتها على البنك الدولي وصندوق النقد، وأيضاً هيمنة البنك الفيدرالي المركزي فيها على السياسات النقدية حول العالم. باختصار أمريكا تتحكم في «لائحة أزارير السيطرة»، ولكن يبقى أهم وأخطر سلاح في تلك الترسانة هو عملتها وعملة اقتصاد العالم الدولار الأمريكي.

هنا بعض الأرقام المذهلة التي تظهر حجم وسطوة الدولار الأمريكي على الاقتصاد الدولي، فبالإضافة إلى كونه العملة الأولى للتجارة الدولية وتتجاوز نسبته الـ60% من إجمالي الحراك التجاري العالمي، يتملك الأجانب أكثر من ١٩ تريليون دولار أمريكي من أسهم وحقوق ملكية في مؤسسات أمريكية، وأكثر من ٧ تريليونات دولار ملكية في سندات الخزانة الأمريكية، وأكثر من ٥ تريليونات دولار في سندات لشركات أمريكية. أرقام مذهلة ولا شك.

إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تبدو مصممة إلى أقصى حد على تخفيض قيمة الدولار الأمريكي إلى أقل درجة ممكنة لتكون السلع الأمريكية المصنعة فيها أكثر جاذبية وتنافسية للدول المستوردة لها. وهذا سيؤثر حتماً على جاذبية أمريكا التي كانت دوماً الملاذ الآمن للمستثمرين في ملكية الشركات وأسواق المال والتطوير العقاري فيها. إلا أن هذا وفي ظل القرارات الترامبية الأخيرة لم يعد مضموناً أبداً.

يقول المؤلف الأمريكي بول بلوستاين في كتابه المهم «الدولار الملك» إن قوة العملة الأمريكية لا خوف على وضعها وبقائها كالعملة الدولية الأولى إلا في حالة وجود إدارة في البيت الأبيض لا تقدر هذا الوضع وتصدر قرارات خاطئة بحق وضع الدولار. ويبدو أن بلوستاين كان محقاً في هذا الإنذار مع ما يحصل الآن.

لا يوجد خوف على الدولار الأمريكي في ما يخص بقاءه العملة الأولى حول العالم؛ لأنه باختصار لا يوجد بديل حقيقي له. كل العملات الأخرى بما في ذلك اليوان الصيني لا تستطيع الحلول مكانه، بالرغم من استمرار هبوط قيمته. ولكن هناك أسئلة ومخاوف تطرح بجدية في أروقة دوائر شركات الاستثمار، مثل: هل ينهي دونالد ترامب استقلالية قرار البنك الفيديرالي المركزي؟ ويتم بالتالي تسييس السياسة النقدية لأمريكا؟ هل ستفرض الولايات المتحدة الأمريكية رسوماً وضرائب على سندات الخزانة الأمريكية؟ هل ستنسحب أمريكا من صندوق النقد الدولي؟ كل هذه الأسئلة إذا لم تلق إجابات مطمئنة ستعني انسحاباً للمستثمرين. والتر وريستون الرئيس الأسبق لمجموعة سيتي كورب الأمريكية العملاقة للبنوك قال ذات مرة «إن رأس المال يذهب إلى حيث كان مرحباً به، ويبقى في المكان الذي يلقى فيه حسن المعاملة». لأكثر من قرن كانت الولايات المتحدة الأمريكية خيار المستثمرين الأول، والآن فجأة لم يعد هذا الوضع حقيقة، وهذا ستكون له تبعيات هائلة على الاقتصاد الدولي.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد