نادية عبدالرزاق
شهد العصر الحالي تطوراً تكنولوجياً فرض نفسه على جميع مجالات الحياة ومنها التعليم، حيث تغيرت أهدافه وطرقه وأساليبه وظهرت مصطلحات جديدة لطرق التعلم الحديث منها:
التعلم الإلكتروني، والتعلم عن بُعد، والتعلم الرقمي وجميعها تعمل على توظيف التكنولوجيا الرقمية في عملية التعليم والتعلم.
يمكن اعتبار «التعلم الرقمي» أسلوباً جديداً من أساليب التعلم الذي يقدم المحتوى التعليمي ويعمل على إيصال المهارات والمفاهيم للمُتعلم من خلال تقنيات المعلومات والاتصالات ووسائطها المتعددة بشكل يتيح للمتعلم التفاعل النشيط مع المحتوى ومع المعلم.
وتعد استراتيجيات التعلم الرقمي أدوات فعّالة يمكن استخدامها لتعزيز فاعلية عملية التعلم الإلكتروني وتحفيز المشاركة النشطة للطلاب وتهدف هذه الاستراتيجيات إلى تعزيز تجربة التعلم للطلاب، وتحقيق التوازن بين محتوى التعليم والتكنولوجيا، وتعزيز التعاون والتفاعل بين الطلاب والمعلم، ويُعد استخدام المحتوى التعليمي المتعدد الوسائط أحد هذه الاستراتيجيات،.
حيث يتضمن ذلك استخدام الصور والفيديوهات والرسوم التوضيحية والمؤثرات الصوتية لتوضيح المفاهيم الصعبة، وجعلها أكثر إشراكاً وتفاعلاً للطلاب، ويمكن أيضاً استخدام الألعاب التعليمية الرقمية لتعزيز التعلم التفاعلي والتشجيع على المشاركة الفعالة للطلاب.
إضافة إلى ذلك يمكن استخدام التعلم التعاوني الرقمي كاستراتيجية في البيئة التعليمية الرقمية لتشجيع الطلاب على التعاون مع بعضهم البعض في مشاريع تعلم مشتركة ومناقشة المواضيع والأفكار في المنتديات الرقمية، ما يعزز التواصل والتعاون بين الطلاب.
فيلعب التواصل الرقمي دوراً حاسماً في عملية التعلم الإلكتروني، حيث يمكن للمعلم التواصل المباشر وتبادل المعرفة والتوجيه مع الطلاب عبر الوسائط الرقمية، كما يساعد في تحقيق تفاعل مستمر بين المعلم والطالب.
حيث يتمكن الطالب من طرح الأسئلة والاستفسارات والحصول على إجابات سريعة وواضحة، كما يتيح التواصل الرقمي للمعلم إعطاء تعليمات وتوجيهات بشكل فعال وتوفير التعليم المباشر عن بُعد.
إضافة إلى ذلك يوفر بيئة تعليمية ديناميكية تشجع الطلاب على التفاعل والمشاركة في المناقشات والأنشطة التعليمية، ويمكن استخدامه لتبادل الموارد التعليمية والمقالات والفيديوهات التعليمية، ما يسهم في تنويع مصادر المعرفة وتعزيز فهم الطلاب للمفاهيم.
وفي ظل هذه التطورات السريعة والمتلاحقة للتكنولوجيا في العصر الرقمي كان لابد أن تتغير أدوار المعلم التقليدية التي كانت ترتكز على التلقين وتعتبره المصدر الرئيسي للمعلومات إلى أدوار جديدة تتناسب مع تغيرات العصر الرقمي، منها دور الشارح باستخدام الوسائل التقنية الحديثة لعرض الدروس.
ومن ثم يعتمد الطلاب على هذه التقنيات لحل الواجبات وعمل الأبحاث، وكذلك يقوم بدور المشجع مع التفاعل مع العملية التعليمية والمحفز مع توليد المعرفة والإبداع،.
فهو يحث الطلاب على استخدام الوسائل التقنية وابتكار البرامج التعليمية التي يحتاجونها ويتيح لهم التحكم بالمادة الدراسية بطرح آرائهم ووجهات نظرهم، فضلاً عن دوره كموجه لتنمية المهارات العليا للتفكير لدى المتعلمين وإكسابهم المهارات الحياتية، ودعم الاقتصاد المعرفي واستخدام إدارة تكنولوجيا المعلومات والقدرة على التفكير الناقد.
ولكى يقوم المُعلم بهذه الأدوار يجب أن يتحلى ببعض المهارات منها إلمامه وتعلمه بعض لغات البرمجة وإتقان التعامل مع برامج تصميم المواقع الإلكترونية التعليمية وتدريبه على كيفية إدارة هذه المواقع وكيفية التعامل مع الفضاء الإلكتروني، ومع التحول نحو التعلم الرقمي أصبح من الضروري إتاحة الفرصة للمتعلمين بأن يتعلموا بشكل ذاتي وبدافع منهم فيما يختارونه من موضوعات تتناسب مع ظروفهم واحتياجاتهم وميولهم واستعداداتهم، ولذلك أصبح من الأهمية إعداد المعلمين وتدريبهم بطرق مغايرة عن التعليم التقليدي.
ومن المؤكد أن استخدام المقررات الإلكترونية والرقمية في العملية التعليمية لا يعني أن دور المُعلم قد انتهى، وأن المتعلمين يمكنهم الاستغناء عنه، بل إن دوره قد تغير فقط حتى يستطيع مواكبة التغيرات التكنولوجية التي أفرزها العصر الرقمي مع مواجهة بعض التحديات التي تتبلور في كيفية تطوير مهاراته والمحافظة عليها وحتمية مواكبة المتغيرات من أجل البقاء، حيث أصبحت مهنة المُعلم مزيجاً من مهام التأهيل والتعليم والتوجيه والإشراف والنقد.
ولكي يكون دوره فعالاً يجب أن يجمع بين التخصص والخبرة، ويحتاج المُعلم إلى العديد من الدورات التدريبية لتطوير ذاته وكفاءته المهنية ويحرص على مزيد من التطور من خلال القراءات المتخصصة والبحث المستمر.
لا شك أن دور المُعلم في ظل العصر الرقمي أصبح أكثر صعوبة من السابق لأن المُعلم هو جوهر العملية التعليمية فيواجهه تحد ثقافي واجتماعي يستوجب عليه أن يكون منفتحاً على كل ما هو جديد، ويتمتع بمرونة تمكنه من الإبداع والابتكار ليكون قادراً على مجابهة التحديات والوقوف أمام متطلبات العصر وتحدياته.