خالد بن حمد المالك
نصحو مع إشراقة كل صباح، فتكون من بين أولوياتنا تصفح أو مشاهدة وسائل الإعلام، بحثاً عن خبر سار، ومعلومة غير مستفزة، وقرارات دولية تصب في مصالحنا، وتنهي مآسي الشعوب في مختلف دول العالم، وتحديداً في عالمنا العربي، وبخاصة فلسطين.
* *
نستيقظ مع تسلل أشعة الشمس من نوافذ الغرف المظلمة، وكلنا أماني وآمال وتطلعات بأن يكون اليوم أفضل من سابقه، وأن تكون أحداثه غير تلك التي كانت في اليوم السابق، فنسرع إلى تلمس الأخبار من مصادرها الموثوقة لعل وعسى.
* *
لكن المشهد يظل كما هو، يتكرر، ويتم ترسيخ الأفعال على نحو منحاز للقوى الاستعمارية، بلا عدل، أو إنصاف، أو محاولة للبحث عن مسار يصحح ويعالج ما نراه من قهر وظلم، ومن جرائم حرب، وعنصرية، وإبادة جماعية، ضد شعوب تُحتل أراضيهم، وينكّل بالأحرار منهم.
* *
في كل يوم، يوماً بعد آخر، ها هو الثنائي أمريكا وإسرائيل يقتل ويهجِّر، ويدمِّر، الأولى بشكل غير مباشر والثانية بشكل مباشر، وصولاً إلى احتلال إسرائيل لكل فلسطين، والتوسع في أراضي لبنان وسوريا، وربما في دول أخرى في المستقبل القريب، ولا تسألوا مَنْ أمرَهم ولا مَنْ نهاهم؟!
* *
أيام سوداء تغيَّب فيها الحقائق، وتُخلق الأعذار والتبريرات، ويسُود فيها التدليس والكذب، وتُستخدم فيها القوة المفرطة لقبول الفلسطينيين بالأمر الواقع، وأي تأخير في القبول بذلك، - وكما حدث- فقد وصل عدد القتلى إلى أكثر من خمسين ألف قتيل، وأكثر من مائة وخمسين ألف مصاب، وتدمير غزة شبه الكامل.
* *
هذا عن فلسطين، فماذا عن السودان وما يجري فيه من قتال، وعن ليبيا والانقسامات المدمِّرة، وعن الحوثيين في اليمن، حيث يتآمرون على وحدة البلاد واستقلالها، وعن لبنان وسوريا والعراق والوضع الأمني والاستقرار الهش فيها؟!
* *
وضع لا يسر، ومستقبل غامض، وتصعيد لهدف استعماري يركِّز على الدول العربية، مستخدماً أدوات مشبوهة، ومعتمداً على دعم دولي، تعضيداً لتحقيق هذه الأجندة، وإنجاح هذا الهدف.
* *
العبث في منطقتنا تقوده أمريكا وإسرائيل، والمستفيد في كل ما يجري هي إسرائيل، التي تتناغم سياساتها مع سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الاستعمارية، فواشنطن ترى في إسرائيل كما لو أنها إحدى ولايات أمريكا، أو شرطيها في المنطقة الذي يُعتمد عليه.
* *
ولا توجد حلول لمقاومة هذا السلوك الأمريكي الإسرائيلي إلا بوحدة الصف العربي، بعيداً عن الخلافات التي لا تخدم إلا العدو المشترك، ودون ذلك، فإن الجميع أمام خطر محدق، فسياسة أمريكا وإسرائيل التفرّد بدولة بعد أخرى للضغط عليها وإضعافها للقبول بما يُملى عليها.
* *
في هذه الفترة لم تشهد دول العالم العربي، ولم تواجه القضية الفلسطينية بمثل ما هي عليه اليوم، حيث تراجعت فرص التوجه إلى خيار الدولتين، وتوسع نفوذ واحتلال إسرائيل في مناطق فلسطينية وسورية ولبنانية، كما أن إسرائيل لم تشهد منذ تأسيسها دعماً عسكرياً وسياسياً من أمريكا كما هو اليوم، إنها أيام صعبة، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.