: آخر تحديث

مستقبل الكويت كمركز للتمويل الإسلامي

2
2
2

مبارك الهزاع

لطالما كانت الكويت لاعباً رئيسياً في قطاع التمويل الإسلامي، ليس فقط على مستوى الخليج، بل عالمياً. وبينما يشهد العالم تحولات اقتصادية متسارعة، تبرز الكويت بفرصها وإمكاناتها كمركز مستقبلي للتمويل الإسلامي، مدعومة بتاريخها العريق في العمل المصرفي الإسلامي، وتطور مؤسساتها المالية، ورؤيتها الاقتصادية التي تتماشى مع المعايير العالمية للصيرفة الإسلامية.

منذ تأسيس بيت التمويل الكويتي (بيتك) عام 1977، كانت الكويت سباقة في تقديم المنتجات المالية الإسلامية، حيث أصبح «بيت التمويل» نموذجاً عالمياً للصيرفة الإسلامية، يمتد تأثيره إلى أسواق دولية مثل تركيا وماليزيا والبحرين. ومع توسع المنتجات المالية الإسلامية، انضمت مؤسسات أخرى مثل بنك بوبيان والبنك الأهلي المتحد (الذي تحوّل للنظام الإسلامي)، ما عزّز من قوة القطاع المالي الإسلامي داخل الكويت.

تتمتع الكويت بنظام قانوني ومالي متين يسمح بازدهار التمويل الإسلامي. فالتشريعات التي صدرت خلال العقود الأخيرة دعمت انتشار الصيرفة الإسلامية، وساهمت في توفير بيئة تشريعية مريحة لنمو هذا القطاع. ومن خلال هيئة أسواق المال وبنك الكويت المركزي، يتم تنظيم الخدمات المالية الإسلامية وفق أعلى المعايير العالمية، ما يمنح المستثمرين والمودعين ثقة أكبر.

الاهتمام العالمي بالصيرفة الإسلامية كبديل أخلاقي ومستدام للتمويل التقليدي، تتجه أنظار المستثمرين نحو الكويت للاستفادة من خبرتها العميقة في هذا المجال. كما أن العديد من الحكومات والمؤسسات الدولية أصبح أكثر اهتماماً بطرح الصكوك الإسلامية، وهو ما يمنح الكويت فرصة لتكون مركزاً رئيسياً لإصدار وإدارة هذه الصكوك في المنطقة.

بالإضافة إلى «بيت التمويل»، هناك عدد من المؤسسات المالية التي لعبت دوراً حاسماً في تطوير المنتجات المالية الإسلامية، مثل مجموعة «كامكو إنفست» التي ساهمت في تطوير الصناديق الاستثمارية الإسلامية، وشركات مثل «نور للاستثمار المالي» التي عملت على ابتكار حلول مالية متوافقة مع الشريعة الإسلامية. هذه المؤسسات ساعدت في توسيع نطاق الخدمات المالية الإسلامية لتشمل قطاعات مثل التأمين التكافلي، وإدارة الأصول الإسلامية، والتمويل العقاري الإسلامي.

رؤية الكويت 2035، تحمل في طياتها فرصاً كبيرة لنمو قطاع التمويل الإسلامي، حيث تسعى الدولة إلى تعزيز موقعها كمركز مالي وتجاري إقليمي. ويعتبر التمويل الإسلامي ركيزة أساسية لهذه الرؤية، خاصة مع تزايد الاستثمارات الحكومية في المشاريع التنموية الكبرى، التي يمكن تمويلها عبر أدوات مالية إسلامية مثل الصكوك.

رغم الإمكانات الكبيرة، تواجه الكويت تحديات تتعلق بالمنافسة الإقليمية، حيث يسعى بعض الدول إلى الاستحواذ على حصة أكبر من سوق التمويل الإسلامي. إلا أن تفوق الكويت في مجال الخبرة المالية الإسلامية، ووجود بنوك ومؤسسات متخصصة ذات سجل حافل، يمنحها ميزة تنافسية يمكن تعزيزها من خلال الابتكار المالي، والتوسع الإقليمي، وتطوير الكفاءات المحلية في هذا المجال.

الكويت ليست مجرد دولة تحتضن التمويل الإسلامي، بل هي من رواده الأوائل، وهي اليوم أمام فرصة ذهبية لتصبح مركزاً عالمياً في هذا المجال. ومع استمرار تطوير البنية التحتية المالية، وتعزيز التشريعات، وابتكار منتجات جديدة تتماشى مع المعايير الدولية، فإن الكويت تمتلك كل المقومات اللازمة لتكون الوجهة الأولى للتمويل الإسلامي في المستقبل.

[email protected]


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد