: آخر تحديث

مطعمك ميشلاني؟

1
1
1

أسمع منذ نصف قرن، على الأقل، وفي أوروبا غالبا، بتصنيف «ميشلان» لجودة المطاعم، حيث تعطيها نجمة أو اثنتين، وقلة تحصل على ثلاث. لم أعرف إلا مؤخرا علاقة شركة فرنسية لتصنيع أفضل إطارات المركبات بمستوى الطعام في مطعم ما، مقارنة بغيره! علما بأن من الصعب، في جميع الأحوال، الاعتماد على موثوقية تصنيفات ميشلان للمطاعم، فهي ليست خالية من التحيز وعدم المصداقية، لكن إيجابيات تصنيفاتها تفوق سلبياتها.

* * *

أسس الأخوان ميشلان شركتهما في فرنسا عام 1889، وحصلا على أول براءة اختراع تصنيع الإطارات الهوائية بعدها بقليل، وهي اليوم ثاني أكبر شركة إطارات في العالم، بعد بريجستون، اليابانية، والمثير للسخرية أن لا فرنسا ولا اليابان تمتلكان شجرة مطاط واحدة، وهذا الفارق بين دول متقدمة، وغيرها!

لزيادة مبيعاتها من اختراعها الجديد، توصلت الشركة لفكرة رائعة، خاصة أن عدد السيارات حينها كان قليلا جدا، وتمثلت الفكرة في تشجيع أصحاب المركبات على السفر والتنقل، وهذا سيزيد من استهلاك الإطارات، ومن أجل ترغيب أصحاب السيارات، أصدرت ميشلان كتيبا يتضمن مجموعة من خرائط الطرق، مع معلومات وإرشادات عن مواقع ورش الخدمة والفنادق ومحطات الوقود والمطاعم، ومع عام 1920 أصبح دليل ميشلان واسع الانتشار، ليس لما تضمنه من إرشادات سفر قيمة، بل وأيضا للمعلومات المفيدة عن المطاعم التي تستحق عناء الذهاب لها، خارج المدينة، وأنواع أطعمتها وشهرة الشيف. ومع الوقت بدأت بإعطاء تلك المطاعم تصنيفات على شكل نجمات، حيث منحت نجمة واحدة للمطاعم الجيدة جدًا، في فئتها. ونجمتين للطبخ الممتاز، الذي يستحق الالتفاف له على الطرق السريعة، وثلاث نجوم للمطبخ الاستثنائي، الذي يستحق عناء القيام برحلة له!

لا يزال دليل ميشلان، الذي أصبح مؤسسة ضخمة يعمل بها عدد كبير من خبراء تذوق المشروبات والأغذية، الذين تتلخص مهمتهم، كمفتشين مجهولين، في زيارة مختلف المطاعم وتدوين الملاحظات عن مستوياتها، وعرض احدى نجوم ميشلان على المميزة منها، مقابل دفع اشتراك لتضمين اسمها في كتيبها، ضمانا لزيادة مبيعاتها. ولا تنتهي مهمة ميشلان بإعطاء التصنيف، بل تستمر الرقابة لضمان عدم التلاعب في جودة الطعام أو الشراب، مستخدمة معايير تقييم صارمة مع الجميع، وهذا ما أكسب تصنيفها اعترافا عالميا في عالم الطهي، خاصة أن المؤسسة لا تقبل أموالا مقابل إدراج أو تصنيف أي مطعم ما لم يكن يستحق، بدرجة قريبة من الحقيقة، لذلك التصنيف.

أما الاتهامات التي توجه لميشلان فتتعلق أساسا بتحيزها للمطبخ الفرنسي، وتغطيتها شبه المحدودة، وما يشكله التصنيف من ضغوط نفسية كبيرة على الطهاة. كما ينصح البعض بمقارنة تصنيفات ميشلان بغيرها من المصادر الأخرى، للحصول على رؤية أكثر دقة، لكن تبقى فكرة التصنيف، التي بلغ عمرها مئة عام، رائعة. ولم يتعرف الأمريكيون على دليل ميشلان إلا في عام 2005، إضافة لها، يغطي الدليل 30 دولة أخرى، بعد أن ترسخت مكانتها كأفضل معيار عالمي للتميز في فن الطهي.



أحمد الصراف


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد