: آخر تحديث

التاجر الحقيقي... صانع الفرص لا مستوردها

8
10
10

مبارك الهزاع

لطالما ارتبط مفهوم التاجر في أذهان البعض بمن يجلب وكالة حصرية لمنتج أجنبي، ثم يجلس في مكتبه الفخم ينتظر الأرباح تتدفق. لكن هذا المفهوم، الذي ظل سائداً لسنوات، تغيّر كثيراً في الكويت خلال العقد الأخير، بفضل مجموعة من الشباب الطموحين الذين أثبتوا أن التاجر الحقيقي ليس مجرد وسيط بين منتج عالمي وسوق محلي، بل هو صانع الفرص، ومن يخلق القيمة الحقيقية من لا شيء.

قبل عشر سنوات، كان الحديث عن التجارة يدور غالباً حول «من جلب الوكالة الفلانية؟»، واليوم، أصبح السؤال: «من أطلق العلامة المحلية الفلانية؟». هذا التحول لم يأتِ من فراغ، بل كان نتيجة وعي متزايد لدى رواد الأعمال بأن النجاح لا يأتي من استيراد النجاح، بل من صناعته.

التاجر الذي يغير قواعد اللعبة لا ينتظر المنتجات الجاهزة ليبيعها، بل يبحث عن فجوات في السوق ويبتكر حلولاً جديدة.

في السنوات الأخيرة، رأينا مشاريع كويتية لم تكتفِ بمنافسة العلامات العالمية، بل تجاوزتها أحياناً، سواء في الأزياء، أو المطاعم، أو التقنية، أو حتى المنتجات الغذائية. شباب كويتيون أثبتوا أن النجاح لا يحتاج إلى «كرت» من شركة أجنبية، بل إلى رؤية، وإصرار، وقدرة على قراءة السوق بذكاء.

كيف يصنع التاجر الحقيقي الفرصة؟

1. يبحث عن الحاجة قبل المنتج: لا يهم أن تكون لديك أفضل سلعة في العالم، إذا لم تكن هناك حاجة فعلية لها. التاجر الذكي لا يسأل: «ماذا أستطيع أن أبيع؟»، بل يسأل: «ما الذي يحتاجه الناس ولم يجده أحد بعد؟».

2. يبني علامة تجارية، لا مجرد متجر: هناك مشاريع محلية كثيرة اليوم، لم تكتفِ ببيع المنتجات، بل صنعت هوية وعلامة يتفاعل معها الناس، وأصبحت تنافس العلامات الكبرى. لم تعد المسألة مجرد «بضاعة وسعر»، بل «تجربة وهوية».

3. يرى الفرص حيث لا يراها غيره: في الوقت الذي كان البعض يستورد المنتجات، كان آخرون يصنعون البدائل المحلية. اليوم لدينا ماركات كويتية في القهوة، والملابس، والعطور، والوجبات السريعة، تنافس بل وتتوسع خارج الكويت.

4. يفكر في التوسع منذ اليوم الأول: التاجر التقليدي يفكر في فتح متجر، أما التاجر المبدع فيفكر في فتح سوق. هناك فرق بين من يبيع لحيّه، ومن يخطط ليبيع لدول الجوار، وربما للعالم.

[email protected]


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد