خالد بن حمد المالك
ظلتْ عين المملكة ولا تزال على سوريا الشقيقة، أمينة على مصالحها، حريصة على أمنها واستقرارها، ولا تتردد في مساندتها، ودعمها، والعمل على ما يعيدها إلى الوضع الطبيعي الذي يستحقه شعبها.
* *
هذا الموقف السعودي المتعاطف مع سوريا، كان خلال سنوات القهر والحرمان والعذاب الذي واجهه المواطنون على مدى أكثر من خمسة عقود، وهو اليوم بعد أن تحرَّرت من حكم بشار الأسد.
* *
شكَّل هذا الدعم مسارات عدة، سياسية، واقتصادية، وتوفير ما يجنب سوريا تكرار الأزمات، والعودة إلى الجحيم، ووضع البلاد في حالة فوضى، وحروب، وصراعات لا يستفيد منها إلا أعداء سوريا.
* *
خلال حكم بشار الأسد، مارست المملكة على النظام الشدة والقوة والقطيعة لإجباره على أن يتصالح مع المواطنين، وجربت معه تسهيل عدم استمراره منبوذاً من المجتمع العربي والدولي، ولما فشلت في كلا المسارين، كان دعمها للنظام الجديد بعد التخلّص من بشار الأسد وهروبه إلى روسيا.
* *
وآخر ما قامت به المملكة، دعماً لسوريا، ودفاعاً عن وحدة أراضيها، واستقلالها، استضافة الرياض للاجتماع الوزاري العربي الموسع بشأن سوريا، ورئاسة وزير الخارجية الاجتماع الوزاري بشأن سوريا بمشاركة دولية واسعة، تضم وزراء خارجية الدول الشقيقة والصديقة، ومنظمات إقليمية ودولية.
* *
في الاجتماعين تمت مناقشة مستجدات الأوضاع في سوريا، وسبل دعم الشعب السوري، وتقديم كل الدعم والإسناد له في مختلف المجالات، في هذه المرحلة المهمة من تاريخه.
* *
جاءت الاجتماعات بدعوة من وزير خارجية المملكة، وبحضور وزراء خارجية وممثِّلي البحرين، ومصر، وفرنسا، وألمانيا، والعراق، وإيطاليا، والأردن، والكويت، ولبنان، وعُمان، وقطر، وإسبانيا، وسوريا، وتركيا، والإمارات، وبريطانيا، وإيرلندا الشمالية، وأمريكا، والأمين العام للجامعة العربية، وممثِّل الاتحاد الأوروبي، والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، ومبعوث الأمم المتحدة الخاص بسوريا.
* *
هذ الحشد من الدول والمنظمات الدولية، يلقي بظلاله على أهمية عقده بالرياض، واهتمام المملكة ببحث خطوات دعم الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل الدعم والعون والإسناد له، في هذه المرحلة المهمة من تاريخه.
* *
وتميز الاهتمام ببحث المجتمعين دعمهم لعملية انتقالية سياسية سورية، تتمثَّل فيها القوى السياسية والاجتماعية السورية، تحفظ حقوق جميع السوريين، وبمشاركة مختلف مكونات الشعب السوري، والعمل على معالجة أي تحديات، أو مصادر للقلق لدى مختلف الأطراف، كما نصَّ على ذلك بيان الرياض.
* *
وركَّز المجتمعون على أن الحوار هو السبيل لتحقيق أماني الشعب السوري، بما في ذلك تقديم النصح والمشورة، وبما يخدم استقلال سوريا وسيادتها، أخذاً بالاعتبار أن مستقبل سوريا هو شأن السوريين، مع تأكيد المجتمعين على وقوفهم إلى جانب خيارات الشعب السوري واحترام إرادته.
* *
ومن مكاسب دعوة المملكة إلى اجتماع للدول العربية والأجنبية، ما عبَّر به المجتمعون من قلقهم بشأن توغل إسرائيل داخل الأراضي السورية، مع تأكيدهم على أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها.
* *
هذا الاجتماع يأتي - كما صرَّح وزير الخارجية- لتنسيق الجهود لدعم سوريا، والسعي لرفع العقوبات عنها، مشيداً بالخطوات الإيجابية التي قامت بها الإدارة السورية الجديدة في مجال الحفاظ على مؤسسات الدولة، واتخاذ نهج الحوار مع الأطراف السورية، والتزامها بمكافحة الإرهاب، وإعلانها البدء بعملية سياسية تضم مختلف مكونات الشعب السوري، بما يكفل استقرارها، وألا تكون سوريا مصدر تهديد لأمن واستقرار دول المنطقة.
* *
بيان الرياض، سوف يساهم في التخفيف من العقوبات، وفتح الطريق بين دمشق ودول العالم في علاقات متميزة، وتعاون مفيد، ليكون ذلك ضمن رصيد الدعم الإنساني والسياسي الذي قدمته وتقدمه المملكة لسوريا.