سمر المقرن
هناك بعض الأشخاص إذا شعروا بالظمأ فإنهم لا يشربون الماء، وإنما يروي عطشهم رؤية الآخرين عطشى. هؤلاء هم الحاسدون الذي يتمنون زوال النعمة من غيرهم، ونجدهم كثيراً من حولنا، وهذا الصنف بالذات مهما فعل المحسود فسيظل مكروهاً منه، حتى لو منحه كل ماله أو منصبه أو جاهه لأن أسباب العداوة ما زالت قائمة!
الحاسد هو شيطان في صورة إنسان، عدو للنجاح والتفوق والنعمة، حتى وإن كان أكثر جاهاً أو مالاً من الذي يحسده!
ينشأ الحسد من الخُلق الذميم بسبب الإحساس بالضعف، وقد يكون بلا أي سبب، وأن نفسه وروحه تُولد حقداً كبيراً ومشاعر بغيضة ودناءة في طبيعته وسلوكاً عدوانياً ضد المحسود مثل نشر الشائعات أو رميه بالباطل، أو حتى التحريض عليه!
الحاسد يحسد على أي شيء مهما كان صغيراً. وبلا شك أكد العلم الحديث أن الحاسد يرسل أيونات سلبية تؤثر سلباً، وقد تسبب ضرراً للمحسود، فكل ما قيل عن الحسد لم يكن محض افتراء، فهو فعلاً يزيل النعمة أو الصحة ويدمرها تدميراً!
ما زلت أتذكَّر كيف كنت في الصف المدرسي الثالث بالابتدائية، وتفوقي جعلني مثار حسد من زميلة لم أكن لها إلا الحب والمودة، فكانت نظرات الحسد والحقد تطاردني منها باستمرار، فحسدها كان يسلبني الأمان النفسي ويكاد يحرمني النوم، حتى استمعت إلى نصائح والديّ للوقاية من شر الحاسدين وأهمها:
الاختباء والهروب من عين الحسود، وأنه يجب الابتعاد عن الحاسد وأن تُخفي عنه حياتك، فالحل الوحيد أمام الحاسد لتتقي شره الاختفاء عن أنظاره والابتعاد عنه والهروب منه. وهذا الصنف من الناس لا يجب أن يكون حكماً بين الإنسان والآخر فسوف يحكم بالإدانة حتى قبل سماع الدعوى! ومن أهم سماته أنه يُفشي السر إلى يوم يبعثون، وينتظر أخطاء وزلات الآخرين بنهم وتشوق!
مهم جداً، بل يجب الابتعاد عن الحسود وعدم مشاورته في شيء حتمي، ولا يغرنَّك عندما يرتدي الحاسد ثوب الفضيلة، أو عندما يتملَّق أو يُمارس العبادات الدينية شكلياً فقط، فالحسد الذي بداخله هزمه وسيهزم كل شيء أمامه، فهو يتمنى سقوط المحسود أكثر من اللحاق به!
أنا متأكدة من أن الحاسد لا يمكن أن يعيش حياة سعيدة أبداً، فهو يعيش في هم مقيم لأنه أول من يحترق بنار حسده، فيظل في غم وكمد وحزن بسبب حسده غيره.
وصدق القائل:
«كلُّ العداوات قد تُرجى مودتُها
إلا عداوة من عاداك عن حسد»