: آخر تحديث

هرولة ذئاب الخراب

1
1
1

يتساءل البعض، بخجل: لِمَ كل هذا التكالب على الجنسية الكويتية؟ لِمَ التورُّط في عمليات التزوير، والتعرّض لخطر دفع غرامات مالية كبيرة، بخلاف السجن لسنين طويلة، إن انكشف الأمر؟ لِمَ كل هذا الاستعداد لرشوة ضابط كبير، أو مسؤول أو متنفذ، ليسعى لهم في الحصول على الجنسية؟ لِمَ كل هذا الاستعداد، لدى البعض، للبقاء من دون هوية، ولعشرات السنين، بانتظار تحقق حلم الحصول على الجنسية الكويتية؟ لماذا يخاطر البعض بالمتاجرة بها، ويقسم آخرون، بأغلظ الأيمان، كذباً، بأن فلاناً كويتي، أباً عن جد؟

لماذا كان هناك دائماً «مواطن ما»، سهّل للمزوِّر أو المحتال أو الراشي الحصول على الجنسية؟ ولماذا يحذّر آخرون من التمادي في السحب لما له من آثار اقتصادية؟

الشيطان، كما يقال، يكمن في التفاصيل، فعندما نقرأ بأنه تم سحب جنسية 310 دفعة واحدة تعود لأفراد «عائلتين» فقط، حصلوا عليها بالتزوير، من الجنسية السورية، نعرف حجم المشكلة، وخطورة الوضع علينا جميعاً. ومن وجهة نظر اقتصادية، فإن استمرار بقاء هؤلاء بيننا يشكل كارثة حقيقية.

نجح فلان عام 1975 في الحصول على الجنسية الكويتية، بطريقة غير قانونية، ودفع مقابل ذلك مبلغ 10 أو 20 ألف دينار، لمن سهل الأمر له. كان لفلان، حينها، زوجة وثلاثة أطفال صغار. بعد 50 عاماً سنجد، في الحد الأدنى، أنه كلف الدولة المبالغ التالية:

معونات اجتماعية، ومواد مدعومة وعلاج ودواء مجاني لفلان وأسرته، وتكلفة تدريس أبنائه الثلاثة، وتخرجهم في الجامعة مع نهاية عام 1994، أي على مدى 20 عاماً، ستكون بحدود 100 ألف دينار (5 أفراد X 22 سنة X 1000 سنوياً للفرد) مع التحفظ.

بعدها سيستقل الأبناء بحياتهم بعد تخرجهم وحصولهم على الوظيفة، ويستمر اعتماد فلان وزوجته وأطفاله، على الدولة، بوتيرة أعلى مع زواج الأبناء، وتضاعف أعداد العائلة، وسيكلف ذلك الدولة مبلغ 150 ألف دينار للعشرين سنة التالية، وأيضاً، بتحفظ شديد.

سيتقاضى الأبناء الثلاثة، من خريجي الجامعة، رواتب بمعدل 1500 دينار شهرياً، كمتوسط لثلاثين سنة، قبل تقاعدهم بعدها، وسيبلغ مجموع ما سيتقاضونه من المال العام مليوناً و600 ألف دينار، (3 أبناء X 1500 دينار شهريا X 12 شهر X 30 عاما)، بتحفظ.

أثناء ذلك، سيحصل كل ولد على أرض مجانية من الدولة، وقرض بناء البيت، أو سيحصل كل منهم على فيلا قائمة، وفي كل الأحوال سيكلف هذا خزينة الدولة قرابة مليون دينار للأبناء الثلاثة، وأيضاً بتحفظ.

كما سنفترض أن رب الأسرة سينشط في الأعمال الحرة، وستدر عليه دخلاً جانبياً، غير الذي يصرف له من الدولة، وأمامه فرص تحقيق مبالغ إضافية كبيرة بالعمل هنا وهناك، واستخراج عدد من الرخص التجارية، وتأجيرها للغير، وكفالة عمالة سائبة، وتحقيق مبالغ مجزية شهرياً، تزيد على 1000 دينار.

هذه عينة تشمل تقريباً نصف من تم تجنيسهم زوراً، يقابلهم عدد أقل، من المزوِّرين، الذين حققوا ثروات هائلة، مقابل عدد أقل أيضاً، ممن لم يحصلوا إلا على الحد الأدنى من الأموال والمزايا.

ولو افترضنا أن عدد من قاموا بتزوير الجنسية يبلغ حوالي 100 ألف، وهو رقم قريب من الواقع، لعلمنا كم المليارات التي تم استنزافها من المال العام، ثم يأتي من نحترم، ويحذّر من التمادي في السحب، للآثار الاقتصادية لذلك!

على لجنة مراجعة الجنسيات الاستمرار بقوة في عملها، حتى تنتهي من النظر في آخر ملف مشكوك في أمره. وحتى ذلك اليوم، فإن أمننا وأمن الدولة، ورخاءنا ورخاء الدولة وأبنائها، في خطر.

ويجب ألا ننسَ أن الذئاب لا تهرول عبثاً!


أحمد الصراف


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد