تعتبر الكويت من الدول القليلة، التي تمتلك فيها الدولة ما يقارب من 90 في المئة من أراضيها، الجزء الأكبر من تلك الملكية يعود إلى ما تم تخصيصه للمناطق التي تقع تحتها آبار النفط، شريان حياة الدولة وازدهار اقتصادها، والجزء الآخر يشمل مناطق المنافع العامة، من طرقات وحدائق وساحات، وأراضي مئات مباني الوزارات والمؤسسات الحكومية، إضافة للسواحل والواجهات البحرية والجزر، والمحميات الطبيعية. كما تمتلك الدولة %99.99 من المناطق الزراعية، من مزارع وجواخير، والمناطق الصناعية والتخزينية الشاسعة، سواء تلك التي تديرها الوزارات لحاجاتها، أو التي قامت الدولة بتوزيعها على الشركات والأفراد للانتفاع بها في مختلف الأغراض، بعقود تجدد أغلبيتها سنوياً، مقابل إيجار سنوي رمزي.
مآل كل هذه المناطق الأخير عودتها للدولة، ولو بعد حين، فمن يمتلك حق الانتفاع منها اليوم، لم يكن هو نفسه بالأمس، وحتماً لن يكون كذلك مستقبلاً، هكذا كل شيء في الدنيا، التي يمكن تلخيص علاقتنا بها أنها «حق انتفاع مؤقت»، فلا أحد يمتلك فيها شيئاً للأبد، لا عقار، ولا أرض، ولا عمارة، ولا جبال، ولا وديان. فالبيت الذي نسكنه اليوم كان ملكاً لمن سبقنا، سواء كان والداً أو والدة أو مالكاً آخر، وسيرثه منا من سيأتي بعدنا، سواء من ذريتنا أو من دائنينا، أو تصادره الدولة لعدم وجود من يحق له تملكه. ومع هذا، فنحن جميعاً على استعداد للدفاع عن البيت الذي نسكن فيه، وربما نُقتل بسبب ذلك أو نَقْتُل من يحاول اغتصابه منا، مع علمنا بأن ملكيتنا له مؤقتة مثل غرفة الفندق، التي تبقى خاصة بمن استأجرها ليوم أو أسبوع، بموجب اتفاق مع إدارته أو صاحبه، لتعود الغرفة إلى مالك الفندق، بعد انتهاء فترة العقد، أو السيارة المستأجرة، أو كرسي القطار أو التاكسي أو الطيارة، أو أي شيء آخر يبقى لسنين أو لساعات ملكنا، ثم تنتهي الرحلة ليعود «الشيء» إلى شخص آخر!
يقول المثل الإنكليزي، أو ربما العالمي، ما تملك من مال هو ما تنفقه، وليس المال الذي بجيبك أو في حسابك المصرفي!
The Money you have is the money you spend.
الخلاصة، الدنيا حق انتفاع، تستعمل الشيء، أياً كان، وتتركه أو تورثه أو تعطيه لغيرك، أو يُؤخذ منك، بطريقة أو بأخرى. فالحياة ما هي إلا لحظات، وتقاس بما نستمتع به من هذه اللحظات.
أحمد الصراف