: آخر تحديث

الإخوان.. وحالة الإنكار مع «داعش»

12
12
12

في أحيان كثيرة تدل أمور صغيرة على نوعية النفسية. فمن يطلق أسماء، مثل ذيب ومهاوش، على أبنائه مثلاً فهو غالباً صاحب نفسية مختلفة عمن يطلق على أبنائه أسماء مثل: نبيل وجميل وسعيد وراضي ومسامح وماضي!

كما أن لشعارات المؤسسات والأحزاب دلالات عميقة، فشعار الإخوان يحمل سيفين وكلمة «وأعدّوا»، وهي بداية الآية التي تقول: «وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ...».

* * *

يقول سامح عيد، القيادي السابق لدى الإخوان المسلمين، إن استخدام العنف هو جزء من الجهاد المشروع لدى التنظيم، وان الالتزام والطاعة كانا من المبادئ الأساسية، التي غُرست في نفوس الأعضاء. وبدأت رحلة شكّه في حقيقة الإخوان مع اكتشاف ما يُعرف بـ«التنظيم الخاص»، الذي كان يعمل بشكل سرّي، ويضم نخبة من الأعضاء المدربين لأداء مهام خاصة، وهم مستعدون لاستخدام كل الأسلحة وفنون القتال. ومن أبرز الحوادث التي شاركوا فيها حادثة استعراض الأزهر في عام 2006. كما كانت للتنظيم الخاص علاقات غير مباشرة مع بعض التنظيمات المتطرفة، وكانوا يخططون معها وينفذون، في الخفاء، عمليات اغتيال وتفجير تستهدف شخصيات ومواقع محددة. وإن فكر سيد قطب العنيف كان حاضرًا بقوة داخل الإخوان، ويشكل جزءًا كبيرًا من مناهج الجماعة وإيمانهم بمفهوم الجهاد والتكفير.

أدرك سامح أن هذا الفكر لا يمكن أن يؤدي إلى أي تغيير إيجابي في المجتمع، بل على العكس. وتبيّن له أن تنظيم الإخوان يواجه تفككاً داخلياً منذ فترة طويلة نتيجة انقسامات داخلية عديدة، وهناك شعور بالإحباط والاستياء من القيادة، وفقدان ثقة، ويواجه ضغوطاً كبيرة من الحكومات والمجتمعات الدولية، ويصعب عليه العمل بحرية وتحقيق أهدافه. (انتهى)

* * *

سبق أن ذكرت أنه ليس مهماً من يقف وراء «داعش»، فأي كلام من دون دليل يبقى لغواً. كما أن تأسيس «داعش» فكرة جهنمية، يمكن لأي جهة في العالم الاستفادة منها لتحقيق أغراضها، فهم، كما يعتقد الكثيرون، بندقية للإيجار. ما يعنيني أن «داعش» حركة دينية متطرفة، قد تجد تمويلاً هنا أو هناك، إلا أن المجندين فيها أقرب للمؤمنين بالفكرة من قادتها، فهدفهم السبايا والغنائم، أو الحور العين إن قُتلوا، فالموت بالنسبة لأغلبيتهم شهادة، والدليل أن بينهم من ترك عمله وأهله وجامعته ليقاتل أو يُقتل.

ولو نظرنا إلى الشحن الديني، الذي قامت به كل فروع الإخوان المسلمين في مختلف الدول، من خلال عشرات آلاف المدارس والكتاتيب الدينية في دولنا، وفي مدارس المسلمين في آسيا وأفريقيا، وحتى الدول الغربية، على مدى نصف قرن تقريباً، ومنها ما تسبب في ظهور طالبان والقاعدة والتنظيمات المتطرفة الأخرى في باكستان وأفغانستان وسوريا والعراق وغيرها، لما استغربنا أبداً استمرار وجود «داعش» بيننا، فهؤلاء هم ثمار ذلك الغرس الطائفي المتطرف.

وخير شاهد على تأثير هذه المدارس، وعلى ذكاء الحركة، أن أفعالها، الصحيحة دينياً، لم ينلها أي تكفير، أو حتى تنديد، من أية جهة دينية في أية دولة عربية أو إسلامية. وبالتالي لا تكمن المشكلة في «داعش»، بل في المصدر الذي تنهل منه، وهو نفسه الذي غرفت وتغرف منه الحركات الأخرى، من إخوان وغيرهم، وبالذات النصوص التي تدفعها إلى العنف.

فلا يكفي التصدي أمنياً لهذه التنظيمات الإرهابية الخطيرة، بل يتطلب الأمر العودة إلى الجذور وتعديل المناهج وتغيير الخطاب الديني، وبغير ذلك، فإن القضاء على «داعش» لن يغيّر شيئاً، فسيظهر غيرها حتماً!


أحمد الصراف 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.