حمود أبو طالب
«مجلس الوزراء يتناول مستجدات التعاون الثنائي والعمل المشترك مع مختلف دول العالم ومنظماته على جميع الأصعدة؛ بما يعزز مكانة المملكة ودورها الإقليمي والدولي، ويخدم المصالح المتبادلة، ويدعم الاستقرار والازدهار في المنطقة وأنحاء المعمورة».. هذه الفقرة التي وردت في بيان جلسة مجلس الوزراء الأخيرة تكاد تتكرر بصيغة وبأخرى في معظم أو كل جلسات المجلس. المملكة تسعى دائماً الى تعزيز مكانتها ودورها الإقليمي والدولي؛ لأنها دولة تملك مشروع نهضة ونماء وتطوير وتحديث ورخاء وازدهار لشعبها بما تملكه من إمكانات وموارد طبيعية وقوى بشرية سخرت لها أفضل فرص التعليم في العالم في كل التخصصات التي تخدم احتياجاتها، ومن الطبيعي أن يجعلها ذلك، بالإضافة إلى عوامل أخرى، دولة مؤثرة في المحيط الإقليمي والدولي، لكن هذا التأثير تهدف منها إلى ما هو أكبر من تحقيق مصالحها الذاتية، وهو «الاستقرار والازدهار في المنطقة وأنحاء المعمورة».
هذا هو تفكير الدولة الحديثة العاقلة المتزنة الناضجة التي لم تقم على الإيديولوجيا والشعارات وتسويق الأوهام لشعبها وتصدير أمراضها الفكرية للعالم. دولة تعرف أن الاستقرار والأمن والازدهار ليس في إقليمها فقط، بل في كل العالم هو العامل الأساسي الأهم لتحقيق نهضتها وتطورها واستقرارها، وتعرف أن المعطّل الأكبر للبشرية هي الحروب والنزاعات والأزمات التي لا ينتج عنها غير الدمار والفقر والمرض والجوع والتخلف وما يصاحب ذلك من أوبئة أخلاقية ونفسية تعاني منها أجيال بعد أجيال.
ولذلك نجد المملكة حاضرة في كل المساعي لإيجاد الاستقرار وإطفاء الأزمات وحل النزاعات في أي مكان، وفي مقدمة الدول التي ترعى مبادرات السلام وتعمل على تحقيقها بكل ما لها من تأثير وتقدير واحترام في المجتمع الدولي. من اليمن إلى السودان إلى العراق إلى سوريا ولبنان كانت المملكة حاضنة للتسويات والوئام والحلول السياسية. كما أنها حاضرة في الحرب الروسية الأوكرانية كوسيط موثوق لدى طرفيها وقد قامت بجهود معروفة باتجاه السلام بينهما. أما القضية الفلسطينية فلا أحد يستطيع المزايدة على مواقف المملكة منها منذ بدايتها، وتمسكها بدعم حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته عبر كل المراحل والظروف، وفي حرب غزة الأخيرة طافت الدبلوماسية السعودية العالم كله لأجل إنهائها وقدمت كل ما تستطيع من دعم لمواطني غزة.
لكن المؤسف أن هناك دولاً في منطقتنا اتخذت نهج التوتر وإشعال الفتن والأزمات وافتعال الأحداث سياسةً أساسيةً ودائمةً لها، لتحويلها إلى منطقة قلقة قابلة للانفجار. هذا ما تفعله إسرائيل وإيران منذ سنوات، وتم تصعيده مؤخراً بما جعل المنطقة تعيش أقصى درجات التوتر خوفاً من حرب إقليمية تضر الجميع.
لهذه الأسباب نرى الدبلوماسية السعودية الآن، وكما هي دائماً، توظف كل ثقلها لإنقاذ المنطقة من احتمال سيئ وخطير.