: آخر تحديث

مفاجأة الأسرة للمناهج

20
22
21

هل تريد شيئاً من الخيال العلمي؟ ماذا لو فاجأت الأسرةُ العربية، أنظمةَ التعليم في مناهج لغتنا؟ أتُراها تجرؤ على شيء من هذا القبيل؟ ما عساه يكون؟ في غفلة من دهر عدم التطوير، عقد أولياء الأمور في ديار العرب، العزمَ على اعتماد الفصحى، كلغة أمّ ولغة أب، منذ لحظة فتح الطفل عينيه على الدنيا، طبعاً، لمن استطاع إليه سبيلاً. يومَ تطأ قدم الصغير عتبة المدرسة، بعد ست سنوات، يشرح الله صدر ابن خلدون، الذي مات وفي نفسه شيء من الملَكة اللغوية، أي أن ينطلق اللسان فصيحاً بالبيان والتبيين، وهو لم تنهك قواه الذهنية جلاميد النحو والصرف.

تمالك أعصابك، ماذا أصابك؟ فالقلم وضع في الحسبان هذا السؤال، قبل أن يخطر لك ببال، تقول: أنّى لأمّة اقرأ أن تنجز المعجز، وبها حشود لا تقرأ ولا تكتب، فعدم محو الأميّة هو المكتوب؟ العقبة الكأداء كامنة في أن أنظمة التعليم العربية لا تعكف بجدّ على معالجة المأزق التاريخي: أجيال العرب تتخرج في الجامعات، بعد ست عشرة سنة، وهي غير قادرة على امتلاك مقاليد لغتها. لا يوجد عاقل يُحمّل بناتنا وأبناءنا المسؤولية. هؤلاء أهل عصر الحواسيب والشبكة والبرمجيات والذكاء الاصطناعي، فهل يعقل أن نكرههم على الجثو على الركبتين في حلقات الفرّاء وابن جنّي وابن هشام الأنصاري؟ صياغة القواعد لم تتغيّر. التنمية الشاملة غدت ضرورة قصوى، فلا حلّ إلاّ باختصار طريق التحكم في زمام أدوات العربية، من ستة عشر عاماً إلى خمسة أو ستة، حتى تجد الشبيبة مجالاً للتفرغ للرياضيات والفيزياء والكيمياء والأحياء، والمعلوماتية والخوارزميات.

هل يرضيك أن تكون نُخبنا في العلوم والتقانات، وحتى في العلوم الإنسانية، لغتها العربية غير سليمة كتابةً وارتجالاً، بينما ألسنتهم طليقة في اللغات الأخرى؟ هم براء من المسؤولية. تخيّل كيف تكون عربيتهم لو أنهم تكلموا الفصحى طوال ست سنوات قبل الابتدائية. على واضعي المناهج أن يدركوا أن تدريس لغتنا في العالم العربي بكامله، لا يفيد فيه الترقيع، فالتطوير المستعجل هو التغيير من الأساس. هذه الأمانة تحتاج إلى تعاون وثيق بين المجامع اللغوية وخبراء التربية، حتى يكون العمل سليم المواد والتأسيس في نظر علماء العربية، وعصريّاً تجديديّاً لدى التربويين.

لزوم ما يلزم: النتيجة العملية: على اللغويين أن يَفحصوا تدريس العربية منذ بداية الابتدائية فصاعداً، ويتساءلوا: هل نحن في سنة 2024 أم في 1024؟

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.