: آخر تحديث

الأصلي والحقيقي والصحيح

18
16
17

تحظى وحدات القياس، «القدم والياردة والرطل والأوقية والكيلوغرام والمتر وغيرها»، باهتمام الحكومات، وتُحفظ مساطرها الأصلية، وتُحدد بواسطة مؤسسات ومعاهد حكومية متخصصة في القياسات والمعايير في دول عدة، مثل فرنسا وبريطانيا وأمريكا. وعند وجود خلاف على أداة قياس مسافة أو وزن، يتم الرجوع لها، فهي تحدد المقياس بدرجة بالغة. فهذه المؤسسات تعمل على ضمان الدقة والتوافق بين مختلف الأنظمة والوحدات، وفي مختلف الدول، ومراقبة إنتاج مصانع وحدات القياس، ففي كل يوم هناك إنتاج مستمر لوحدات القياس هذه، وفي عشرات دول العالم، ومن الضروري أن تكون جميعها متماثلة تماماً، ودقيقة.

تعرف الياردة حالياً بأنها تساوي 0.9144 من المتر. أما القدم فتساوي 0.3048 من المتر. أما الرطل Pound، فيُعرف بأنّه يبلغ 0.45359237 من الكيلوغرام. أما الأوقية Ounce، فإنها تساوي 1/16 من الرطل، أو 28.349523125 غراماً. والتعريف الحديث للكيلوغرام يُعرّف باستخدام ثابت بلانك منذ سنوات طويلة، مما يعني أنه يُعتمد على خصائص فيزيائية دقيقة، في ظل نظام دولي للوحدات، وهو النظام المعتمد عالمياً، ويشرف عليه مكتب BIPM الفرنسي، الذي يضمن التوافق والدقة في جميع وحدات القياس. كما أن من وظيفة المكتب تحديث وتعديل التعريفات حسب الحاجة استناداً إلى التقدم العلمي والتكنولوجي. وتاريخياً كان المتر يعرف في عام 1799 على أنه واحد على عشرة ملايين من المسافة من خط الاستواء إلى القطب الشمالي على طول خط المار عبر باريس. لكن التعريف الحديث أكثر دقة، حيث يُعرف المتر بأنه المسافة التي يقطعها الضوء في الفراغ خلال زمن قدره 1/299.792.458 من الثانية. هذا التعريف تم اعتماده في عام 1983 من قِبل المؤتمر العام للأوزان والمقاييس CGPM، ليكون أكثر دقة وقابلية للتكرار باستخدام التكنولوجيا الحديثة. أما الكيلوغرام، فحتى عام 2019، كان يُعرف بكتلة قياسية محددة من البلاتين والإيريديوم، وهذه تحفظ في فرنسا، في مدينة سيفر. لكن الآن، يُعرّف الكيلوغرام باستخدام ثابت بلانك، وهو ثابت فيزيائي دقيق. أما الثانية فتعرّف على أساس تردد الإشعاع الناتج عن انتقال الإلكترونات في ذرة السيزيوم. وعليه تُعد هذه التعريفات الحديثة أكثر دقة واعتماداً على ثوابت فيزيائية، مما يجعلها ثابتة وغير قابلة للتغيير بمرور الوقت أو اختلاف الظروف. بخلاف هذه المقاييس «الأصلية» ليس هناك ما يمكن وصفه بالأصيل والحقيقي، فهذه نسبية. فلا يوجد عرق أصيل أو نسب أصيل أو عقيدة أصيلة. فكل طرف يعتقد، مخلصاً، أن ما بين يديه من عقائد وأصول وعادات ومواد تمثل الأصل. والمناوئ أو المعارض له يعتقد بأن الأصالة تنطبق على ما يؤمن به هو أو ما يمتلكه من أدلة، مع إيمان كل طرف بصحة وجهة نظره. هذه الاختلافات كانت، طوال التاريخ البشري، سبباً في مصرع مئات ملايين البشر، وفقد تريليونات الممتلكات، وخراب بيوت ومجتمعات ودول، والسبب كان غالباً يعود إلى غياب المسطرة أو المرجع «العام والمتفق عليه، من الجميع»، كمسطرة الياردة العلمية، مثلاً، التي يمكن الرجوع لها في أي وقت للحصول على الإجابة الشافية!
 

أحمد الصراف

 

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.