: آخر تحديث

إسرائيل... حرب الاغتيالات بديلاً من الحرب الشاملة ضد "وحدة الساحات"

11
12
11

تفاقمت الحرب بالواسطة بين ايران واسرائيل في الساحتين اللبنانية والسورية. فمسلسل الاغتيالات التي تنفذها إسرائيل ضد ضباط رفيعي المستوى ينتمون الى "الحرس الثوري" و"فيلق القدس" الإيرانيين إضافة الى "حزب الله" والفصائل الفلسطينية في لبنان تشير الى ان المعلومات التي جرى تداولها بنهاية شهر تشرين الثاني – نوفمبر الماضي وافادت ان استراتيجية إسرائيل في المرحلة المقبلة ابتداء من شهر كانون الأول – ديسمبر 2023 ستتركز على حرب الظلال مع اعدائها في المنطقة من الفصائل الفلسطينية و ايران وفصائلها. واكدت المعلومات التي جرى تداولها بي الأوساط الدبلوماسية الأجنبية في المنطقة ان تل ابيب تنوي شن حرب مخابراتية واسعة النطاق في مقابل التزامها بمطلب الولايات المتحدة لخفض وتيرة الحرب على الأرض في غزة. 
 
فيما بعد أتت عمليات الاغتيال التي نفذها سلاح الطيران الإسرائيلي في الجنوب اللبناني وسوريا لتؤكد صحة المعلومات، من اغتيال القيادي في حركة "حماس" صالح العاروري في الضاحية الجنوبية من بيروت، والى اغتيال نائب قائد "فيلق القدس" في سوريا رضي الموسوي وعدد آخر من ضباط الفيلق الكبار في دمشق.
 
ومن اغتيال قيادات ميدانية رفيعة المستوى في فرقة النخبة "الرضوان" التابعة ل “حزب الله" مثل وسام الطويل وآخرين بينهم نجل احد نواب الحزب المذكور البارزين، وصولا الى اغتيال خبراء مرموقين متخصصين في الحرب الالكترونية من فرقة "الرضوان"، انتقلت الحرب الإسرائيلية مع "وحدة الساحات" الإيرانية الى حرب مطاردات واغتيالات نفذتها إسرائيل لدفع ايران وفصائلها في سوريا ولبنان لرفع مستوى المواجهة من حرب استنزاف منخفضة الوتيرة الى حرب أوسع حيث تعتبر إسرائيل انها تفسح في المجال امامها لكي تقلب قواعد اللعبة من جديد لصالحها. فمع مضي "حزب الله" في حرب الاستنزاف التي يخوضها انطلاقا من الجنوب اللبناني، سقطت قواعد الاشتباك التي سادت بينه وبين إسرائيل منذ حرب العام2006 .

ولم تنجح إسرائيل خلال اكثر من مئة يوم من الاشتباكات في إجبار الحزب المذكور على التزام قواعد الاشتباك السابقة التي جعلت من جانبي الحدود في لبنان وإسرائيل منطقة هادئة الى ابعد الحدود. من هنا أهمية التصعيد بالنسبة الى الإسرائيليين. لكن القفز مباشرة نحو حرب مفتوحة دونه عقبة كأداء بالنسبة الى القيادة السياسية الإسرائيلية تتمثل في الضغوط الأميركية الكبيرة التي تهدف الى حصر الحرب في نطاق قطاع غزة دون سواه، ومنع تمدد الحرب مهما كلف الامر.
 
انطلاقاً مما تقدم، تحتاج إسرائيل الى رفع مستوى المواجهة من دون اشعال حرب إقليمية اقله لغاية الان. من هنا تشكل الاغتيالات على مستوى القيادات الميدانية من الفئة الأولى في قلب مشروع "وحدة الساحات" اكان في صفوف "الحرس الثوري" و "فيلق القدس" او "حزب الله" وسيلة لرفغ كلفة الاشتباك من دون التورط في حرب شاملة. لكن الضربات تتلاحق وتتكثف. والاختراق الاستخباراتي الإسرائيلي في سوريا و لبنان هائل الى درجة ان نسمع كلاما من مسؤولين في الاعلام الرسمي الإيراني كالسيد مصدق بور من الخدمة العربية في الاذاعة الإيرانية يشكو علنا من الاختراق في صفوف أجهزة المخابرات السورية، او ان تطرح أسئلة كثيرة في لبنان حول حجم الاختراق في بيئة "حزب الله" بما أتاح حتى الان لإسرائيل ان تقوم بعمليات اغتيال خطيرة للغاية وصلت الى قلب الضاحية الجنوبية لبيروت حيث اغتيل صالح العاروري مع مسؤولين آخرين من حركة "حماس" في عملية جراحية لم يتأذى فيها سكان المساكن المجاورة. 
 
طبعا لن تغير حرب الاغتيالات الإسرائيلية من قرار محور "الممانعة" الذي تقوده طهران والقاضي بتجنب التورط في حرب شاملة مع اسرائيل. لكن الأخيرة سوف تحاول توسيع هوامش حركتها الى اقصى الحدود من خلال توجيه مزيد من الضربات في سوريا حيث ساحتها مشرعة بالكامل، او في لبنان حيث بيئة "حزب الله" مخترقة، تماما مثل بقية البيئات، لا سيما ان "حزب الله" بعد ان وسع من نطاق سيطرته على المؤسسات اللبنانية، وصادر القرار الوطني السيادي، وامسك تماما بمفاصل السلطة المترهلة، راكم الضغائن، الأحقاد في بلاد تكره بيئات المتنوعة منطق الهيمنة الطائفية المذهبية الضيقة كالتي يمارسها "حزب الله" على الشرائح الأخرى من المجتمع اللبناني. ومن هنا تسبح إسرائيل ومخابراتها بحرية في بحر الضغائن التي يولدها الحزب المشار اليه عن دراية او عن جهل.  


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد