قد يستغرب البعض عندما نقول إن التواصل مع الآخرين مهارة تتطلب التعلم والتدريب. ومثار الاستغراب أنه لا يجد صعوبة في التحدث ومد جسور التعارف مع الآخرين بعفوية، وبساطة. وبالفعل البعض قد تكون لديه موهبة، أو تلقى تربية مناسبة ساهمت في نمو هذه المهارة لديه، ونقول مهارة، لأنها فعلاً مهارة غير عامة، ولا هي متجذرة في العقل البشري، بل هي مهارة يمكن اكتسابها وتعلمها، لذا من البداية ذكرت أهمية التعليم والتدريب على مهارات التواصل مع الآخرين.
والحقيقة أننا عندما نتعلم الكيفية والطريقة المثلى والصحيحة للتواصل بفعالية مع الآخرين، وفهم احتياجاتهم وآرائهم وتطلعاتهم، فإنه يمكننا التعاون معهم وبناء علاقة مثمرة منتجة مفيدة لجميع الأطراف. وفهم الآخرين من شأنه أن يساهم في تقوية التعاون، وبناء جسور من التفاهم، وهذا سيوضح الأهداف، التي قد تكون مشتركة، أو تبادل الخبرات، وبالتالي تطوير الأهداف، وفضلاً عن هذا، هناك تطور في جوانب تتعلق بتذليل الصعوبات وحل المشاكل والعقبات التي تعترضنا.
ولا ننسى أن من أهم خصال التواصل القوي البناء مع الآخرين أنه يساهم في خفض حالات التوتر، بل مساهمته فعالة في تذليل الصراعات والصعوبات، وهذا طبيعي، لأننا عندما نكون قادرين على التحدث عن أفكارنا وآرائنا، بشفافية ووضوح، فإننا، دون شك، سنكون قادرين أيضاً على فهم وتفهم آراء ووجهات نظر الآخرين، وهذا سيجنب التوترات الناتجة عن سوء الفهم، بل عند وقوع أي مشكلة، فإنه يمكن حلها وتجاوزها بالتفاهم، لأن هناك أرضية من الحوار وتبادل الأفكار. التواصل القوي مع الآخرين له تأثيرات كبيرة في الفرد، لأن خصائص القيادة المبدعة، تنمو وتتوسع، وبالتالي يكتسب الفرد مهارات التوجيه والتحفيز والإلهام، ونحوها من مسببات النجاح، وتحقيق الأهداف.
ولا ننسى واحداً من أهم مكامن قوة الاتصال والتواصل مع الآخرين، وهو سوق العمل الذي يعتبر مهارة التواصل من أهم المتطلبات، لأنها تنمي الأعمال وتزيد الإنتاج، وبالتالي من يكتسبها فإنه سيكون قادراً على تعزيز النجاح والتفوق المهني.
تبقى مهارة التواصل مع الآخرين عنصر نجاح وتفوق في حياة الفرد، وبواسطتها يمكن تحسين القدرة على تحقيق النجاح، والرضا الشخصي، ومن خلال عملية تواصل قوية ومتينة ومثابرة، يمكن بناء علاقة صحية وتحقيق التوازن والتعاون مع الآخرين. ويبقى على كل واحد منا الاستثمار في تحسين وتقوية عملية التواصل، لأن فيها النجاح والتفوق والتميز.