: آخر تحديث

مملكة السلام واليمن السعيد

15
20
21
مواضيع ذات صلة

المدرك لأبعاد واتجاهات السياسة السعودية ودبلوماسيتها الحكيمة يعي جيداً أن كل المبادرات السعودية على مرّ تاريخها وعهودها هدفت إلى رسم مسار مستقرّ في المنطقة؛ في المقابل فإنّ المواقف الأخرى المتأرجحة والسياسات المتخبطة في التعامل مع ملفات المنطقة، أعطت خبرة لدى الحكومة السعودية أن الاستمرار على نفس الوتيرة والمنوال يزيد الوضع تعقيداً والدول دماراً والشعوب تمزيقاً، ولطالما انتظرت المنطقة العربية عقوداً من الحلفاء والأشقاء في تكوين جبهة صادقة وقوة فاعلة رادعة، لمن يحاول زعزعة الاستقرار والأمن في المنطقة، وعرقلة المشاريع التنموية والتطويرية لدول المنطقة.

إن كل المبادرات السعودية في بسط الأمن والسلام، وتقديم المبادرات ورعايتها عبر سنوات طويلة وجهود حثيثة وبحوث مضنية، ومتقصية لكل المخاطر التي تهدد السلم الإقليمي والدولي، ولا شك أن أهمها بالنسبة للمملكة حدودياً وعربياً وقومياً هي اليمن وضرورة التوافق السياسي والعمل المشترك بعيداً عن إطلاق النار.

ولذلك عملت السعودية منذ السنة الأولى لعملية عاصفة الحزم التي قامت دعماً للشرعية اليمنية واستجابة لطلب رئيس الجمهورية الشرعي آنذاك الرئيس عبدربه منصور هادي؛ فعقدت المؤتمرات في سويسرا والكويت وعمان وغيرها من العواصم العربية والدولية، كل ذلك من أجل وصول الفرقاء اليمنيين إلى خارطة طريق ترضي كل الأطراف السياسية، وتنزع السلاح من الميادين وتحفظ وحدة اليمن ولحمته. فاليمن بحاجة للاستقرار، وبدء مشاريع تنموية لتحسين مستواه الاقتصادي وبالتالي تحسين الأحوال المعيشية لشعبه الشقيق.

ومنذ أحداث ما يسمى بالربيع العربي الذي تأثر به الشارع اليمني؛ وأججت له مجاميع مختلفة لتحقيق مآربهم الخاصة، وانغر بها كثير من المتحمسين من الشباب خاصة، سارعت المملكة ومعها أشقاؤها في مجلس التعاون لدول الخليج العربي، لطرح مبادرتهم (الخليجية) التي استمرت المفاوضة حولها قرابة العامين توجت نهايتها بتسليم السلطة طواعية لنائب رئيس الجمهورية لتمر تلك الأحداث دون انهيار للدولة اليمنية.

غير أن ما حدث عام 2015م من استيلاء على الحكومة والتعدي على الدولة اليمنية بالسلاح كانت له أبعاده الأمنية الخطيرة على اليمن أولاً، ثم على جيرانه ثانياً، فإلى جانب عمليات عاصفة الحزم كانت المشاورات والاجتماعات السياسية والدبلوماسية تتحرك وتنشط بعيداً عن الأضواء في أحايين كثيرة، ورغم جدية التحالف العربي في إيجاد مخرج للأزمة التي أشعلها السلاح، ومحاولة تفكيك الدولة اليمنية، وهذا لا يعني أي دولة بقدر ما كان يعني السعودية كجارٍ لليمن على امتداد ما يزيد على ألف كيلو متر من الحدود المتصلة مع اليمن، لذا فإن اتفاق الفرقاء في اليمن الشقيق وإيقاف آلة الحرب وأدواته لا يعارضها إلا: من يريد إلحاق مزيد من الضرر باليمن.. واستنزاف السعودية وإشغالها وإضعاف اقتصادها.

ونظراً لما تشهده البيئة الدولية من توترات إيجابية ساعدت هذه التوترات المملكة أن تتحرك في حلحلة العديد من القضايا التي تهم أمن المملكة وتعزز مصالحها، وهذه البيئة وما بها من فرص تنتظر اقتناصها ومهددات تتحرك الدول لمواجهتها!

ومن التوترات الإيجابية ما يتمثل من نجاح القمة السعودية الصينية، والعزلة التي تواجها إيران في محيطها الإقليمي وأحياناً الدولي، والأزمة والعقوبات الاقتصادية على إيران والأوضاع الداخلية، وأيضاً تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية، ورغبة الصين أن تلعب دوراً أكبر في النظام العالمي والذي لم يعد ينتظر أي دور منفرد للولايات المتحدة.

من هنا تنطلق المملكة من رغبتها في تحقيق استقرار اليمن، وأن تكون وسيطاً بين الأطراف اليمنية ومما يدفعها لذلك روابط الجوار الجغرافي والتاريخي، والمصالح الاستراتيجية في اليمن، والتي تتمثل في خلو اليمن من أي قوة إقليمية يُشكّل تواجدها تهديداً لمصالح المملكة، وأيضاً عدم عسكرة مضيق (باب المندب)، وخلو اليمن من الجماعات الإرهابية التي تمثل تهديداً إقليمياً ودولياً، وبذلك أرادت المملكة أن يحظى اليمن بقيادة تجمع جميع الأطياف اليمنية وحكومة تحقق الاستقرار والاستدامة لهذا البلد العربي العزيز ويعود اليمن السعيد مبتسماً من جديد!


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد