تعتبر قيمة التواضع، من القيم الأخلاقية النبيلة، التي يتم الحث عليه، وتعويد الأبناء وهم في مقتبل العمر على نهجه، ولا يمكن أن نحصر ما يحمله من مبادئ ورسائل إنسانية، لكنها دون شك تبقى خِصلة لا يتمتع بها إلا كل من هو واثق بنفسه، ومن تشرّب القيم والمبادئ العليا السامية، ويكفي أن نعلم أنها صفة العلماء، والقادة المبدعين.
في العادة الحث على التواضع، يتم في سياق اجتماعي، بمعنى التحلي بقيمة التواضع، خلال تعاملاتنا مع الآخرين، فلا تعالٍ عليهم، ولا إسفاف بحقهم، ولا استخفاف بقيمة أي إنسان، وبالتالي يتحول التواضع إلى مرحلة عملية، وليست كلمات وحسب، أو ليس شعاراً يتم ترديده، وإنما لفعل وواقع يتم بشكل عفوي واعتيادي، ويصبح جزءاً من ممارسة الإنسان وعمله اليومي، وليس حالة تتلبس الإنسان مرة أو اثنتين، أو فعل يقوم بفعله عدة مرات، وحسب الموقف، وباقي المواقف الحياتية يتجاهله.
التواضع أنواع كثيرة، وحالات متعددة، وعندما يصبح جزءاً من تفكير الإنسان، وطريقة تعامله الحياتي، فإنه يلم بجميع أنواعه وحالاته. يوجد من ضمن قيم التواضع قيمة تعد مهمة لكل واحد منا، وهي على درجة عالية من الحيوية، وهي التواضع أمام المعرفة، التواضع أمام حاجتنا للمعلومات، وبالتالي تواضعنا الوظيفي العملي، عندما تكون قائداً في مقر عملك، أو مدير أو رئيس، أو نحوها، من المهام القيادية، فإن التواضع، يمنحك مساحة واسعة من التحرك، وعلى عكس ما قد يعتقده البعض، بأهمية وجود حاجز بين المدير وموظفيه، فإن التواضع يحقق تفاهماً أكبر في بيئة العمل، ويسهم أولاً في نجاح وتفوق القائد، لأن التفاهم والتعبير عن الأفكار والمقترحات والمبادرات، تتم بشكل عفوي، وفي جو إيجابي.
د. بات سوليفان، الأستاذ الجامعي، والمتحدث، ومؤلف كتابي: حجر الزاوية في القيادة، و بناء الفريق، يقول: «كان أنجح الأشخاص الذين عملت معهم متواضعين من أول يوم لهم حتى آخر يوم في العمل، لقد وجدت أن الأشخاص الذين وصلوا إلى القمة منهم في الأعمال التجارية، أو التعليم، أو القانون، أو الطب، كانوا أناساً متواضعين. إن الاستعداد للاعتراف بأن هناك المزيد لنتعلمه هو علامة على وجود قائد ممتاز». عندما تكون متواضعاً، تكون منفتحاً على التعلم، وزيادة معارفك وخبراتك بكل عفوية، عدم التواضع، حاجز يمنع المعلومات، من التدفق إليك، ويغلق طرقاً مهمة للنجاح، من الوصول إليك.

