: آخر تحديث

أزمة تلو أزمة .. كيف يستطيع العالم المواجهة؟ «2»

34
32
35
مواضيع ذات صلة

ستتضمن توقعاتنا مزيدا من التخفيض للنمو العالمي بالنسبة إلى 2022 و2023. ومن حسن الطالع أن النمو سيظل في النطاق الموجب في معظم الدول. ومع ذلك، فسيسهم تأثير الحرب في تخفيض تنبؤات 143 اقتصادا هذا العام أي ما يمثل 86 في المائة من إجمالي الناتج المحلي العالمي.
تتفاوت الآفاق إلى حد كبير فيما بين الدول، فمن خسائر اقتصادية كارثية في أوكرانيا إلى انكماش حاد في روسيا، ودول تواجه تداعيات الحرب من خلال قناة السلع الأولية وقناة التجارة والقناة المالية.
وتشمل الاقتصادات التي تواجه تخفيضات في التنبؤات الدول المستوردة الصافية للغذاء والوقود في إفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا.
وقد أدى ارتفاع أسعار السلع الأولية إلى رفع احتمالات النمو بالنسبة إلى عديد من الدول المصدرة للنفط والغاز الطبيعي والمعادن. غير أن هذه الدول تأثرت أيضا بارتفاع درجة عدم اليقين، وما حققته من مكاسب لا يكفي على الإطلاق لتعويض التباطؤ العالمي الكلي المدفوع في معظمه بالحرب الدائرة.
وفي الوقت ذاته، يؤدي ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء إلى زيادة الضغوط التضخمية، ما يشكل ضغطا على الدخل الحقيقي للأسر حول العالم.
كما تلقت آفاق المدى المتوسط ضربة أيضا، فبالنسبة إلى معظم الدول، من المتوقع الآن أن يستغرق الناتج فترة أطول للعودة إلى اتجاهاته السائدة قبل الجائحة. ففي عدد كبير من الدول الصاعدة والنامية، لا يقتصر الأمر على التصارع مع التداعيات الاقتصادية للحرب، بل يمتد إلى الندوب المترتبة على أزمة الجائحة. ويشمل هذا فقدان الوظائف والخسائر المترتبة على تعطل عملية التعلم التي يتحمل معظم تكلفتها النساء والشباب.
ولا يزال التعافي يتبع مسارات شديدة التباعد تفصل بين الأغنياء والفقراء. وعلاوة على ذلك، تبدو الآفاق محاطة بقدر هائل من عدم اليقين ـ يفوق كثيرا النطاق العادي. فمن الممكن أن تحتدم الحرب ويتم تصعيد العقوبات. وقد تظهر سلالات متحورة جديدة من كوفيد - 19. كذلك قد تفشل المحاصيل.
وكانت روسيا وأوكرانيا تقدمان 28 في المائة من صادرات القمح العالمية قبل الحرب، كما كانت روسيا وبلاروسيا تقدمان 40 في المائة من صادرات البوتاس، وهو نوع أساسي من السماد. والآن، أصبحت أسعار الحبوب والذرة بالغة الارتفاع، وبلغني من القادة في مختلف دول إفريقيا والشرق الأوسط أن الإمدادات باتت محدودة.
إن انعدام الأمن الغذائي مصدر للقلق البالغ، ويجب أن نتحرك الآن من خلال مبادرة متعددة الأطراف لتعزيز الأمن الغذائي. فالبديل قاتم، مزيد من الجوع ومزيد من الفقر ومزيد من القلاقل الاجتماعية، خاصة بالنسبة إلى الدول التي تسعى جاهدة للإفلات من حالة الهشاشة والصراع منذ أعوام طويلة.
ولا تزال أسعار الغذاء والطاقة، إلى جانب مشكلات سلاسل الإمداد، تدفع التضخم إلى الارتفاع. فبالنسبة إلى الاقتصادات المتقدمة، بلغ التضخم بالفعل مستوى لم يبلغه على مدار الأربعة عقود الماضية. ونتوقع حاليا أن يظل مرتفعا لمدى أطول مما قدرناه من قبل.
إن البيئة العالمية الحالية هي الأكثر تعقيدا في تاريخنا المعاصر، ما يفرض خيارات بالغة الصعوبة.
كيف يمكن لصناع السياسات كبح جماح التضخم المرتفع والدين المتزايد، مع الحفاظ على الإنفاق الضروري وبناء الركائز اللازمة للنمو الدائم؟.
تتمثل الأولويات العاجلة في، "إنهاء الحرب الدائرة في أوكرانيا، التصدي للوباء، ومعالجة التضخم والمديونية".
أولا، إنهاء الحرب في أوكرانيا، نعلم من التجربة العالمية أن الصراع عدو التنمية والرخاء. وقد أحدثت تكاليف الحرب المرتفعة حالة من الشلل في كثير من الدول ولا تزال حتى الآن. وإذ يحدونا الأمل في السلام، يجب أن نبذل قصارى جهودنا لمساعدة أوكرانيا وكل الدول المتضررة.
من جانبنا بادر صندوق النقد الدولي، بتقديم تمويل طارئ قدره 1.4 مليار دولار لمساعدة أوكرانيا في تلبية احتياجات الإنفاق العاجلة. وأخيرا أطلقنا أيضا حسابا خاصا يتيح وسيلة آمنة لإمداد أوكرانيا بمزيد من التمويل. ومع شركائنا الدوليين، نتأهب الآن لجهود إعادة الإعمار الشاملة التي ستكون ضرورية لاحقا.
ونعمل بنشاط أيضا لدعم الدول المجاورة لأوكرانيا التي أصابها ضرر بالغ، مثل مولدوفا ـ وهي بلد لا يتجاوز تعداد سكانه 2.6 مليون نسمة وقام باستقبال أكثر من 400 ألف لاجئ. كذلك نعزز الدعم لـ 20 في المائة من دولنا الأعضاء التي تمر بحالة من الهشاشة أو الصراع.
ثانيا، التصدي للوباء، وفي الوقت ذاته، يواصل الفيروس مسيرته القاتلة. ولمحاربته، نحتاج إلى مجموعة أدوات شاملة تتضمن اللقاحات واختبار الكشف عنه والعلاجات المضادة له. وينبغي أن تنتشر هذه الأدوات في كل مكان... يتبع.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد