استمتعت مؤخراً بمشاهدة أحداث فيلم هندي بعنوان (GUNJAN SAXENA)، هو عبارة عن قصة حقيقية مُلهمة، تحكي صراع بطلته الشابة مع محيطها الاجتماعي، حول طموحها وحلمها بأن تعمل قائدة لطائرة حربية وبين نظرة وموقف مجتمعها من المرأة، المجتمع الذي كان يرى المرأة مخلوقاً ثانوياً، ويطلب منها نبذ أحلامها والاكتفاء بدور ربة البيت كزوجة وأم تلبي جميع احتياجات أفراد أسرتها من طبخ وتنظيف.. إلخ، حيث انقضت أحداث الفيلم بين سعي بطلته إلى تحقيق حلمها ومحاربة زملائها في بيئة العمل المهيأة للرجال فقط، واجتهادهم للحطّ من قدرها وقدرتها باعتبارها امرأة، حتى استطاعت بإصرارها أن تحقق مآربها وتحوّل أحلامها إلى حقيقة حيث شاركت في أحد الحروب ونتج عن مشاركتها إنقاذ أرواح زملائها الذين استهزأوا بها في بادئ الأمر لتصبح بطلة وطنية في الدولة ويُكرّمها الرئيس.
طوال مشاهدتي للفيلم كنت أستشعر النعمة التي حبانا الله بها، وأحمد الله على وجودنا في مجتمع متحضّر عريق يفيض وعياً بمدى أهمية المرأة ويحترم كيانها ويُشجّع طموحها ويحتفي به، وفي دولة أكّدت رؤية قائدها أهمية شراكة المرأة على أسس من العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين رجالاً ونساءً، بنص دستوري حرص على عدم التمييز ضد المرأة بسبب الجنس، بل إن رؤية جلالته قد تمخضت عن خلق آلية وطنية لحماية وتعزيز حقوق المرأة تُعنى بتمكين المرأة وتتابع تقدّمها، متمثلة في (المجلس الأعلى للمرأة 2001) برئاسة سيدتي صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم، حيث حرص المجلس على وضع خطة وطنية للنهوض بالمرأة اشتغل عليها منذ بداية نشأته قبل عشرين عاماً، ودأب على تحديثها وتطويرها بشكل مستمر لتواكب المستجدات العالمية لحقوق الإنسان في أطرٍ من تكافؤ الفرص والتوازن بين الجنسين.
وها هو شهر ديسمبر المجيد قد بات قريباً، وهو الشهر الذي يحتفي أوّله بالمرأة البحرينية، في ظل مباركة سيدي حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة لتوجيهات صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم في عام 2006 بتخصيص يوم للمرأة البحرينية، الذي جرى الاحتفاء به مذاك حتى اليوم، حيث يحمل يوم المرأة البحريني لهذا العام 2021 شعار (المرأة البحرينية في التنمية الوطنية.. مسيرة ارتقاء في وطن معطاء)، وهو شعار يُكرّس للدور المهم الذي تؤديه المرأة في التنمية الوطنية كأحد أهم الأطراف المساهمة فيها، من خلال موقعها في الأسرة ومن خلال عملها في المجتمع في جميع الميادين والتخصصات ومختلف القطاعات وباعتبارها شريكا رئيسيا وأساسيا في بناء المجتمع ودفع عجلة التقدم والتطور والإسهام في تنميته كعضو فاعل ومؤثر في تحقيق النهضة المجتمعية على أسس من الشراكة والتعاون مع جميع قطاعاتها ومؤسساتها سعياً لتحقيق الرفاه الاجتماعي.
ولا شك أن المستوى العلمي والعملي المتقدم الذي حققته المرأة البحرينية يُعد مؤشراً حقيقياً على تفاعلها المؤثر والمنتج في التنمية الوطنية، وأن شعار يوم المرأة البحرينية لهذا العام الذي يتزامن مع عشرينية المجلس الأعلى للمرأة يتمتع بشمولية كفيلة بأن تستوعب دور المرأة في كل التخصصات، جاء ذلك بعد أن غطت الشعارات السابقة تخصصات محددة بعينها، فالمميز في شعار عشرينية المجلس أن مظلة احتفائه بالمرأة البحرينية ستشمل جميع النساء اللاتي أثّرن في التنمية الوطنية لهذا الوطن، بغض النظر عن تخصصها أو وظيفتها، حيث سيُحتفى بها لأنها امرأة بحرينية فقط ولأنها يجدر بها أن تفخر بكيانها وكينونتها وبوجودها في كنف دولة تمنح لهذا الوجود تقديراً واحتفاءً يليق به، الأمر الذي يعكس الفكر الشمولي الحصيف الذي تتمتع به صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم والذي يجعل من الاحتفال بمرور عشرين عاماً على تأسيس المجلس الأعلى للمرأة احتفالاً يطول جميع النساء في مملكة البحرين، ويجعل فرحته تلامس قلوبهن جميعاً. فكل عام والمرأة البحرينية عضو فاعل ومؤثر في التنمية الوطنية لهذا الوطن المعطاء، من تقدّم إلى تقدّم يفوقه أثرا.

