: آخر تحديث

في انتظار سياسة عراقية لإدارة بايدن

47
45
39
مواضيع ذات صلة

بعد مضيّ 18 عاما على الاجتياح الأميركي للعراق، تقف إدارة جو بايدن حائرة حيال ما يفترض بها أن تفعله بعدما تسببت إدارة جورج بوش الابن بزلزال لا تزال تفاعلاته تتردد في المنطقة كلّها. أيّ عراق بعد الانسحاب العسكري الأميركي في غضون أشهر قليلة؟ لا جواب واضحا باستثناء أن إيران تزيد من ضغوطها لإثبات أنّها اللاعب الأوّل في هذا البلد وأن لا مجال للعودة إلى واقع يتمثل في أنّ العراق هو العراق وإيران هي إيران.

في أساس الزلزال الذي تجاوز حدود العراق، أن الإدارة الأميركية السابقة، إدارة بوش الابن، لم تدرك في العامين 2002 و2003 النتائج التي ستترتّب على اجتياح العراق عسكريا وإسقاط النظام فيه. لم تدرك معنى تقديم العراق على صحن من فضّة إلى إيران. أقدمت على العمليّة العسكرية في العراق من أجل إسقاط نظام، كانت هناك حاجة إلى إسقاطه، ولكن ليس بالطريقة التي اعتمدها بوش الابن وكبار مساعديه الذين رفضوا نصائح بالتريث قدّمها لهم قادة مستنيرون يعرفون المنطقة. في مقدّم هؤلاء الملك عبدالله الثاني الذي اجتمع بالرئيس الأميركي في آب – أغسطس من العام 2002. وقتذاك، حذّر العاهل الأردني الرئيس الأميركي من النتائج التي ستترتب على حرب العراق. لكن بوش الابن رفض حتّى أن يستمع إلى النصيحة…

ما انهار في المنطقة ليس العراق وحده الذي جاء إليه الأميركيون بميليشيات مذهبيّة عراقية قاتلت في الماضي الجيش العراقي. عاد قادة تلك الميليشيات من إيران إلى بغداد على ظهر دبّابة أميركيّة. فإذا بهؤلاء في الوقت الحاضر الطرف العراقي الأشدّ عداء للسياسة الأميركيّة. لم يعد “الحشد الشعبي” الذي هو تحالف بين ميليشيات مذهبيّة تابعة لإيران سوى أداة ضغط إيرانيّة على الولايات المتحدة في العراق!

المخيف في الأمر أنّ ليس العراق وحده الذي عانى من التغيير الذي أحدثه الأميركيون في العراق. فمع توفر انطلاقة جديدة للمشروع التوسّعي الإيراني، تعرّض لبنان لضربة قويّة يمكن أن تقضي عليه. يمكن في الوقت الراهن التساؤل متى انتهى لبنان الذي شهد في بداية تسعينات القرن الماضي محاولة يتيمة لإنقاذه على يد رفيق الحريري، المعروف من اغتاله، بعد مرحلة الحرب الأهليّة التي بدأت في الثالث عشر من نيسان – أبريل 1975؟

يمكن القول إن لبنان انتهى قبل ذلك، أي مع توقيع اتفاق القاهرة في تشرين الثاني – نوفمبر 1969 لدى تخلي الدولة عن جزء من سيادتها لمنظمة التحرير الفلسطينية. لكنّ الواقع الراهن يشير إلى أن لبنان صار جزءا من الماضي وطويت صفحته في ضوء وصول ميشال عون إلى موقع رئيس الجمهوريّة في الحادي والثلاثين من تشرين الأوّل – أكتوبر 2016 وانهيار كلّ القطاعات التي قام عليها البلد الذي صار يحكمه “حزب الله”، أي إيران. ما كان للبنان أن يسقط تحت الوصاية الكاملة لـ”الجمهوريّة الإسلاميّة” لولا استقواء “حزب الله” عليه وعلى اللبنانيين. يعود ذلك قبل أيّ شيء آخر إلى ما حدث في العراق في العام 2003 وليس في أيّ مكان آخر.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد