إيلاف من الرباط: ناقشت الدورة التاسعة لمؤتمر السلم والأمن الأفريقي (APSACO 2025) اخيرا في الرباط على مدى يومين التحديات المتصاعدة والفرص الاستراتيجية التي تواجه إفريقيا وسط مشهد أمني وجيوسياسي متحوّل، وذلك بمشاركة خبراء أمنيين، صنّاع سياسات، وباحثين من مختلف أنحاء القارة الإفريقية والعالم، لبحث تمكين القيادة الإفريقية في مجال الأمن.
ودعت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الذي نظمه مركز السياسات من اجل الجنوب الجديد، إلى إضفاء الطابع المؤسسي على APSACO كمنصة دائمة للحوار الأمني الإفريقي، في ظل تغير موازين القوى الدولية وتراجع الدعم التنموي الخارجي.

جانب من جلسات المؤتمر
وأجمع المشاركون على أن إفريقيا بحاجة إلى صوت موحد في المحافل الدولية، وخطط استراتيجية طويلة الأمد، إلى جانب بناء مؤسسات أمنية إفريقية قوية مدعومة بتمويل مشترك وخبرات محلية.
التكامل الإقليمي تحت المجهر
سلطت إحدى الجلسات الضوء على التكتلات الإقليمية في إفريقيا، حيث تم انتقاد بعض الكيانات، لاسيما في غرب القارة، بسبب استجابتها غير المتسقة للأزمات السياسية، مما أدى إلى تآكل ثقة المواطنين.
وشدد المتحدثون أن التكامل الإقليمي الحقيقي يتطلب إصلاحات وطنية، قيادة نزيهة، وأطرًا قابلة للتنفيذ.
الساحل، ليبيا، والبحيرات العظمى .. أزمات مترابطة
تناولت جلسة خاصة المشهد المعقد للنزاعات في إفريقيا، من الإرهاب والجريمة المنظمة، إلى ضعف المؤسسات وتعدد مصادر السيادة. ودعا الخبراء إلى اعتماد نماذج حوكمة قابلة للتكيف، وإلى تعزيز الأطر الإقليمية للسلام، مع التخفيف من الاعتماد المفرط على بعثات حفظ السلام الدولية.
مكافحة الإرهاب .. الفجوة بين الطموح والتنفيذ
من جهتها، ركّزت جلسة الدفاع ومكافحة الإرهاب على ضعف تطبيق الاستراتيجيات القائمة رغم وجود أطر واضحة، مع تصاعد المخاطر المرتبطة بالحروب الهجينة، وضعف الأمن البحري، وتداخل الشبكات الإجرامية والإرهابية. وتمت الدعوة إلى تعزيز التمويل الدفاعي، والتعاون الإقليمي، والانفتاح على الشراكات مع القطاع الخاص.
السردية الإفريقية.. من التبعية إلى الإنتاج
أجمع المشاركون على أن السيادة السردية تُعد أداة استراتيجية في سياق التنافس الجيوسياسي. وشددوا على ضرورة التحول من دور المتلقّي إلى منتج نشط للمعرفة والأفكار، معتبرين أن امتلاك الأدوات الموروثة (مثل اللغة) هو شكل من أشكال القوة لا التبعية.
اللاانحياز النشط في عالم متعدد الأقطاب
ناقشت إحدى الجلسات كيفية تعامل الدول الإفريقية مع التنافس المتصاعد بين القوى الكبرى، حيث طُرح مفهوم "اللاانحياز النشط" كنموذج عملي لتحقيق التوازن دون الارتهان إلى أي محور. كما أشار المتحدثون إلى أهمية توحيد المواقف الإفريقية لحماية المصالح الإقليمية.
جنوب إفريقيا: التغير المناخي كتهديد أمني
أبرز المشاركون العلاقة المتزايدة بين التغيرات المناخية والأمن القومي، خصوصًا في دول جنوب القارة. واقترحوا استراتيجيات شاملة تُشرك الشباب وتُعزز الدبلوماسية البيئية الإقليمية، مع إمكانية تعميم نماذج التمكين الناجحة على باقي دول القارة.
إصلاح بنية السلم والأمن الإفريقية
اختُتم المؤتمر بإصدار توصيات إصلاحية للهيكل الأمني القاري، ركزت على ضرورة التنسيق بين الاتحاد الإفريقي والتكتلات الإقليمية، وتحسين آليات الإنذار المبكر، ومواكبة التكنولوجيا التي باتت تُستخدم من قبل جهات غير حكومية.