إيلاف من الرباط: في ظل تواصل فضائح اختلاس المساعدات الإنسانية الموجهة لسكان مخيمات تندوف على التراب الجزائري، والتي كشفت عنها تقارير أوروبية ودولية، برز مجدداً التباين الحاد بين مقاربة المغرب في تدبير الهجرة، والقائمة على الإدماج والكرامة، وممارسات جبهة البوليساريو الانفصالية المدعومة من الجزائر، التي تُمعن في استغلال معاناة المدنيين لتحقيق مكاسب سياسية.
في سياق ذلك، قال روميو غباجيدي، رئيس مختبر دراسات الهجرة الإفريقية، وهو مركز تفكير استراتيجي مقره مدريد، في تصريح لـ"إيلاف"، على هامش مشاركته في ندوة دولية حول الهجرة احتضنتها العاصمة المغربية الرباط اخيرا ،إن المغرب يمثل نموذجاً إقليمياً في تدبير ملف الهجرة، بفضل مقاربته الإنسانية والتنموية، في وقت تتواصل فيه تقارير المنظمات الدولية التي توثق تحويل المساعدات الإنسانية في تندوف إلى السوق السوداء وحرمان آلاف المحتجزين من حقوقهم الأساسية.
وأشاد غباجيدي بـالمبادرة المغربية الهادفة إلى تسوية الوضعية القانونية للمهاجرين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء، مؤكداً أنها "خطوة تاريخية طال انتظارها، وتُشكل إجابة عملية على مطالب المجتمع المدني، الذي دأب على المطالبة بمراجعة القانون المتعلق بإقامة الأجانب في المغرب".
وأوضح أن هذا التوجه مكن من إدماج المهاجرين قانونياً واقتصادياً، بما يضمن لهم العيش الكريم والمساهمة المباشرة في الاقتصاد الوطني، وفي الوقت ذاته، يعزز من تحويلاتهم المالية نحو بلدانهم الأصلية، الأمر الذي يشكل رافعة تنموية متبادلة، مضيفاً "عندما يعمل المهاجر بشكل قانوني، فهو يساهم في الصناديق الاجتماعية المغربية، ويرسل تحويلات أسرية تفيد دولته الأصل"، في الوقت الذي يغيب فيه أي شكل من أشكال الإدماج أو احترام حقوق الإنسان في مخيمات تندوف التي تفتقر لأبسط وسائل العيش الكريم.
وذكر غباجيدي أن المغرب اختار أن يكون حاضناً للكرامة الإنسانية، ورافضاً لكل أشكال التجريم أو الوصم المرتبط بالمهاجرين، مشدداً على أن المملكة أصبحت اليوم "نموذجاً قارياً في التوازن بين البعدين الأمني والإنساني في إدارة الهجرة".
وبخصوص المخاوف المثارة بشأن الهجرة القادمة من منطقة الساحل، شدد الخبير الإفريقي على أن "الهجرة لا تشكل تهديداً أمنياً في ذاتها، بل إن الغالبية العظمى من المهاجرين هم ضحايا أزمات سياسية ونزاعات مسلحة، يسعون فقط لحياة أفضل".
ورفض غباجيدي "الربط الظالم" بين المهاجرين غير النظاميين والإرهاب أو الجريمة، داعياً إلى التفريق بين الظاهرة الإنسانية التي تدفع بالآلاف إلى ركوب المخاطر، وبين التهديدات الحقيقية التي تتطلب معالجة أمنية مخصصة.
وأضاف "يجب أن نتوقف عن تجريم المهاجرين، خصوصاً أولئك القادمين من بلدان تعيش أزمات خانقة. حيث كثير منهم يفرون من أوضاع غير إنسانية، ويجب أن نمنحهم فرصة للعيش والمساهمة في المجتمعات المضيفة".
وشدد غباجيدي على أن "الحل لا يكمن في المقاربة الأمنية وحدها، بل في توفير الأمل وفرص الاندماج في بيئات آمنة ومحترِمة للكرامة"، معتبراً أن المغرب "قطع أشواطاً مهمة في هذا المجال، ويقدم اليوم درساً في المسؤولية التضامنية داخل القارة الإفريقية".