: آخر تحديث
نهج موحد يواجه مقترحات تعيد صلاحيات النفط إلى بغداد

شيرواني يصعّد... وكوردستان ترفض "خريطة الحلبوسي": لا عودة إلى المركزية

8
7
6

إيلاف من بغداد: في مشهد يعكس تماسكًا سياسيًا ورسميًا داخل إقليم كوردستان، برزت خلال الساعات الماضية ثلاث محطات متزامنة، حملت لهجة تصعيدية موحّدة تجاه ما يُوصف في أربيل بمحاولات متكررة لـ"إحياء النزعة المركزية"، و"إعادة تعريف العلاقة بين الحكومة الاتحادية والإقليم، خارج ما نص عليه الدستور".

المحطة الأولى تمثلت في رسالة سياسية شديدة اللهجة وجّهها النائب في مجلس النواب العراقي، سيبان شيرواني، إلى رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي. استخدم فيها خطابًا مباشرًا وصف فيه الحلبوسي بـ"المخلوع"، واعتبر ما طرحه "محاولة يائسة لإعادة العراق إلى مركزية" قال إنها "مرفوضة من قبل شعب كوردستان". وقال شيرواني إن "زمن التسلّط والمركزية والاستبداد قد ولى، وإن كوردستان ليست مجرد اسم على ورق أو حدود تُرسم وتُمحى متى شاء المركز، بل كيان دستوري ارتكز على تضحيات جسام، ولن يسمح بالإقصاء أو التهميش". وأضاف: "ستبقى كوردستان شامخة، عصيّة على محاولات الهيمنة، وما تحقق من منجزات تم تثبيته بدماء شهدائها، وليس بقرارات فوقية"، على حد تعبيره.

أما المحطة الثانية، فجاءت من وزارة الثروات الطبيعية في حكومة إقليم كوردستان، التي أصدرت بيانًا رسميًا اتهمت فيه وزارة النفط الاتحادية بـ"انتهاك الدستور"، و"عرقلة إقرار قانون النفط والغاز"، محمّلة إياها مسؤولية "إخفاقات متراكمة بسبب سياسات مركزية عفا عليها الزمن". وذكّرت الوزارة في بيانها بأن بغداد "لم تلتزم بتسديد مستحقات أكثر من 11 مليون برميل سُلّمتها حكومة الإقليم"، مؤكدة أن "الطرف الكردي أبدى مرونة عالية، لكنه لم يتلقَ المقابل المالي ولا التزامًا سياسيًا واضحًا من المركز". وقال البيان إن "استمرار هذا النمط من التعامل لا يعكس روح الشراكة الاتحادية، بل يتناقض مع مبدأ الإدارة المشتركة للموارد كما ورد في الدستور".

المحطة الثالثة جاءت بعد طرح محمد الحلبوسي ما سمّاه "خريطة طريق" لحل الخلاف بين بغداد وأربيل، وهي خريطة تضمنت مقترحات تعيد "جميع صلاحيات الثروات الطبيعية والمنافذ إلى الحكومة الاتحادية حصراً". وقد أثارت هذه المقترحات غضب شخصيات سياسية كردية بارزة، اعتبرتها "مساسًا بالموقع الدستوري لكوردستان"، و"ردًا على سياق سياسي أكثر منه قانوني".

القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني هوشيار زيباري قال إن مقترحات الحلبوسي "تعكس شعورًا بعمق الأزمة"، لكنها "تُظهر أنه لم يقرأ الدستور جيدًا، ويميل إلى تفسير مواده بصورة رغبوية واسترضائية". من جهته، اعتبر النائب ماجد شنكالي أن ما طرحه الحلبوسي "مغالطة كبيرة وحنين إلى عقلية الرجل الأوحد"، مضيفًا أن "الدستور واضح في توزيع الصلاحيات بين المركز والإقليم، ولا مجال للاجتهاد فيه".

وتتمسك أربيل بـ"تفسير واضح للمادتين 110 و112 من الدستور العراقي". فبينما تحدد المادة 110 "صلاحيات حصرية للسلطات الاتحادية"، لم تُدرج فيها "الثروات الطبيعية"، وهو ما ترى فيه كوردستان "دليلاً على أن إدارة النفط والغاز غير المستخرجين تقع ضمن صلاحيات الإقليم". في المقابل، يردّ مقربون من الحلبوسي بأن "الإقليم هو من خرق الدستور أولاً"، عبر "استفتاء الانفصال عام 2017"، و"توقيع عقود نفطية وغازية دون الرجوع إلى المركز"، و"اتهامات بالتهريب وعدم الشفافية في إدارة الحقول".

مصدر في حزب "تقدم"، الذي يتزعمه الحلبوسي، قال لصحيفة "الشرق الأوسط" إن "خريطة الطريق المقترحة ليست خرقًا للدستور"، بل "محاولة لإعادة تنظيم العلاقة وفق مبدأ السيادة الشاملة"، مضيفًا أن "اتهامات القيادات الكردية للحلبوسي غير مبررة"، خصوصًا أن الرجل "أُقصي من رئاسة البرلمان بطريقة غير دستورية".

في السياق العام، يرى مراقبون أن "تصريحات شيرواني وبيان وزارة الثروات" يمثلان "ردًا مباشرًا على ما تصفه أربيل بأنه محاولة متجددة لتقليص صلاحياتها عبر آليات سياسية وقانونية تسعى لإعادة تموضع الدولة الاتحادية على أسس غير تشاركية". ويشير الخطاب المشترك بين البرلماني والمؤسساتي في الإقليم إلى أن كوردستان "تتبنى الآن نهجًا دفاعيًا موحدًا"، يربط بين "الرواية التاريخية"، و"الحجج الدستورية"، و"الواقع المالي والاقتصادي"، في مواجهة أي مبادرة أو تصريح يُفهم منه "تجاوز على الصلاحيات أو الترتيبات القائمة منذ عام 2005".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار