إيلاف من الرباط : يواصل المغرب ترسيخ مكانته كفاعل رئيسي في تعزيز الاستقرار وحل النزاعات في القارة الإفريقية، مستثمراً موقعه الجيوسياسي وخبرته الدبلوماسية في الدفع بمقاربات جديدة ترتكز على الحوار والتعاون الإقليمي.
في سياق ذلك ، أشاد وزير الخارجية البوركينابي بالدور المغربي الرائد في تدبير القضايا الأمنية والسلمية داخل القارة، في إطار رئاسة المملكة لمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي.
وجاءت الإشادة البوركينابية عبر رسالة رسمية، اطّلعت عليها "إيلاف"، حيث عبّر رئيس الدبلوماسية البوركينابية عن دعمه للمقاربة المغربية التي قادها وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة. حيث تجسدت هذه المقاربة في تنظيم مشاورات غير رسمية مع دول تحالف الساحل، إضافة إلى كل من الغابون والسودان وغينيا، وهي دول تمر بمرحلة انتقالية حساسة، تتطلب دعمًا إقليميًا لضمان استقرارها.
وذكر الوزير البوركينابي أن هذه المبادرة المغربية تعكس رؤية متبصرة تقوم على نهج براغماتي، يرتكز على الحوار البناء كوسيلة أساسية لمعالجة الأزمات الإفريقية، مشدداً على أن المغرب أصبح، بفضل ديناميته الدبلوماسية، فاعلاً لا غنى عنه في هندسة الحلول السلمية بالقارة.
التزام مغربي ثابت بالسلم الإفريقي
وتشكل رئاسة المغرب لمجلس السلم والأمن الإفريقي محطة جديدة لترسيخ نهجه القائم على دعم الحلول الإفريقية لمشكلات القارة، بعيدًا عن التدخلات الأجنبية. وتعكس هذه الدينامية الجديدة التزام المملكة بتفعيل الدبلوماسية الوقائية، من خلال تشجيع آليات الوساطة وتعزيز التعاون جنوب-جنوب.
ولم يكن الحضور المغربي في المشهد الإفريقي وليد اللحظة، بل هو امتداد لعقود من العمل الدبلوماسي المكثف، حيث ظل المغرب وفياً لمبدأ تعزيز الاستقرار في القارة، سواء من خلال مساهماته في بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، أو عبر دعم مسارات التسوية السياسية في بؤر التوتر، مثل ليبيا ومنطقة الساحل.
أبعاد استراتيجية لرؤية المغرب
ويعكس هذا التحرك الدبلوماسي المغربي رؤية استراتيجية قائمة على تعزيز الأمن الإقليمي، بما يخدم المصالح المشتركة للدول الإفريقية. كما يسعى المغرب إلى تحصين منطقة الساحل من مخاطر الإرهاب والجريمة المنظمة، ويعمل على خلق بيئة مواتية للتنمية الاقتصادية، باعتبارها ركيزة أساسية لأي استقرار مستدام.
وبفضل هذه المقاربة المتكاملة، بات المغرب يحظى بثقة متزايدة من قبل الشركاء الأفارقة، الذين يرون في الرباط وسيطًا موثوقًا وفاعلاً في إعادة تشكيل التوازنات الإقليمية لصالح الاستقرار والتنمية.
تحديات وآفاق مستقبلية
وبالرغم من النجاحات التي حققتها الدبلوماسية المغربية في هذا الإطار، فإن التحديات الأمنية في إفريقيا لا تزال قائمة، خصوصًا في ظل تزايد التوترات السياسية والأزمات الاقتصادية التي تعصف بعدد من الدول. ومع ذلك، فإن استمرار المغرب في نهجه الاستباقي، القائم على بناء التحالفات وتعزيز الدبلوماسية متعددة الأطراف، سيمكنه من ترسيخ ريادته كقوة دبلوماسية وازنة في القارة.
وفي ظل هذه التحولات، يجمع المختصون في العلاقات الدولية، أن الرباط ماضية في تعزيز دورها كفاعل أساسي في السلم والأمن الإفريقي، واضعةً نصب أعينها هدفاً استراتيجياً يتمثل في جعل القارة فضاءً أكثر استقرارًا، قادرًا على مواجهة التحديات الأمنية والتنموية بعقلانية وشراكة فعالة.