إيلاف من الكويت: أعلن أمير الكويت، الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، عن عزمه إعادة النظر في قرار تعليق الحياة البرلمانية، مشيرًا إلى أن عودة الممارسة الديمقراطية ستتم "في ثوبها الجديد" بعد علاج ما وصفه بـ"المرض العضال" الذي أصاب النظام الديمقراطي في البلاد وأهلكه.
وفي خطاب وجّهه مساء الأحد إلى الشعب الكويتي بمناسبة العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، أكد الشيخ مشعل أن قرار تعطيل بعض مواد الدستور لمدة لا تتجاوز أربع سنوات كان ضرورة مؤقتة لمعالجة اختلالات عميقة في الممارسة الديمقراطية، مضيفًا: "نسلم الكويت لأهلها الأصليين نظيفة خالية من الشوائب".
وشدّد أمير البلاد على أن استعادة الحياة الدستورية ستأتي بعد إصلاح شامل، قائلاً إن المرحلة المقبلة ستشهد إعادة بناء الممارسة السياسية على أسس جديدة تضمن استقرار الدولة، ومكافحة الفساد، وتعزيز الوحدة الوطنية، التي اعتبرها "السياج الذي يحمي الكويت" في مواجهة التحديات.
وفي أبرز فقرات خطابه، أطلق الشيخ مشعل هجومًا لاذعًا على من وصفهم بـ"دعاة الفرقة ومثيري الفتنة"، الذين يسعون إلى "خلط الأوراق وترويج الإشاعات وتحريف الأقوال" من خلال ملف الجنسية، محذرًا من محاولة شقّ الصف الوطني والتشكيك في القرارات المتعلقة بهذه القضية الحساسة.
وأكد في هذا السياق تمسكه بالتعامل الحازم مع كل ما يمسّ الوحدة الوطنية، وموازنة ذلك مع تحقيق العدالة في قضايا الجنسية، مشددًا على أن "الهوية الوطنية في قمة أولوياتنا"، وهي مخصصة لكل كويتي "أصيل يحرص على تقدم وطنه"، وأنها "الحصن الحصين لمجابهة الشدائد والتحديات".
ودعا الشيخ مشعل إلى التحلي بالصبر في مسيرة الإصلاح، قائلاً: "ما دُمر كثير، وما عبث به خطير"، مطالبًا المواطنين بإشاعة روح المحبة والتفاؤل والتسامح والابتعاد عن الممارسات التي تهدد وحدة المجتمع. وأضاف: "السلبيات مدبرة، والإنجازات مقبلة، وعلينا التمهل قليلاً لنجني ثمارها قريباً".
وفي إشارة إلى متابعته المباشرة لأداء الدولة، أوضح أنه "نوجّه ونراقب ونتابع ونحاسب"، ووجّه الحكومة للإسراع بتنفيذ المشاريع التنموية الكبرى، خاصة في مجالات الصحة والتعليم والإسكان، والتعجيل بإقرار التشريعات الحيوية ومتابعة تنفيذ الاتفاقيات الدولية، ضمن رؤية طموحة لتحسين كفاءة الأداء الحكومي وتوسيع الشراكة مع القطاع الخاص محلياً ودولياً.
كما عبّر أمير الكويت عن سعادته بردود الأفعال الشعبية المؤيدة لقراراته الإصلاحية، مقدّمًا شكره لكل من تفاعل بإيجابية سواء عبر اللقاءات المباشرة أو من خلال الكتابات ومنصات التواصل الاجتماعي، معتبراً أن تلك المواقف تعكس "الولاء والانتماء الصادق للكويت وأهلها".
وفي الشأن الخارجي، شدّد الشيخ مشعل على استمرار السياسة الدبلوماسية الكويتية القائمة على "الحياد الفاعل"، والتضامن مع القضايا العادلة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية التي ستظل "في صدارة أولويات سياستنا الخارجية"، مؤكداً دعم بلاده للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وحرصها على التوافق بين التشريعات الوطنية والالتزامات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
وفي ختام خطابه، عاد ليحذّر من المساس بالوحدة الوطنية، مجددًا الدعوة إلى التمسك بنهج المسؤولية والعمل المشترك، قائلاً: "لن نسمح بزعزعة استقرار الوطن من خلال الاستماع للمنصات الوهمية والأصوات الشاذة"، داعيًا إلى "صفٍ وطني موحد" متماسك، يحمي البلاد بالقانون والتعاون والتعاضد.
ووجّه الحكومة بأن تأخذ ما ورد في خطابه كـ"توجيهات واجبة التنفيذ"، متطلعًا إلى تذليل العقبات أمامها ووضع تلك التوجيهات موضع التنفيذ العاجل، من أجل مستقبل آمن ومزدهر للكويت وأهلها.