: آخر تحديث
أمين "الحركة الشعبية" يقول إن غلاء الاسعار يفقد ثقة المغاربة في سياسة الحكومة

أوزين: السياسة المغربية فقدت جوهرها وتحولت إلى مسرح بلا جمهور

4
4
3

إيلاف من الرباط : قال الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، محمد أوزين، إن السياسة المغربية تعيش أزمة جوهرية أفقدتها معناها الحقيقي، حيث أصبحت مجرد "مسرح بلا جمهور"، يتم فيه تمرير القرارات دون نقاش حقيقي، بينما تغيب الأصوات المعارضة ازاء ما تدبره الحكومة، وتتراجع الثقة بين المواطنين والمؤسسات. 

جاء ذلك خلال ندوة نظمتها مؤسسة الفقيه التطواني، ليلة الثلاثاء بالرباط، حيث وجه أوزين انتقادات لاذعة للمشهد السياسي الحالي، معتبرًا أنه لم يعد يعكس التعددية أو التنافس الديمقراطي، بل تحول إلى فضاء محكوم بمنطق الهيمنة المطلقة.


محمد اوزين في ضيافة مؤسسة الفقيه الركراكي

وأوضح أوزين أن الأغلبية الحكومية، التي تتكون من إئتلاف أحزاب التجمع الوطني للأحرار و"الاستقلال" و"الأصالة والمعاصرة"، باتت تسيطر على السلطة التنفيذية والتشريعية وحتى التدبير المحلي، في تركيبة تشبه "احتكارًا للقرار السياسي"، وهو ما يقوض مبادئ الحكامة الجيدة، وفق تعبيره. وأضاف أن الأحزاب السياسية لم تعد تقوم بدورها في التأطير والتفاعل مع المواطنين، بل انحرفت نحو خطاب تقني وإداري، بعيد عن النقاش السياسي الحقيقي، مما جعل القرارات تُمرر من دون أي نقاش معمّق.

هيمنة رجال المال والمصالح الخاصة
وأشار أوزين إلى أن أحد أبرز أسباب الأزمة السياسية الراهنة هو هيمنة رجال المال والأعمال على المشهد الحزبي، ما أدى إلى ظهور "نخبة سياسية هجينة" تفتقر إلى مشروع مجتمعي واضح، وتركز على المصالح الخاصة بدلًا من خدمة المصلحة العامة. وقال: "لقد انتقلنا من السياسة كمجال للتنافس حول البرامج والأفكار، إلى السياسة كآلية للحفاظ على الامتيازات وتوسيع المصالح الخاصة"، معتبرًا أن هذا الواقع ساهم في تعميق الأزمة الاجتماعية والاقتصادية، في وقت لم تستطع الحكومة تقديم إجابات حقيقية حول الملفات الأساسية، مثل ارتفاع الأسعار، تراجع القدرة الشرائية، وضعف الخدمات الأساسية.

كما انتقد أوزين هيمنة التقنوقراط على القطاعات الحيوية بالحكومة التي يقودها عزيز أخنوش، معتبرًا أن هؤلاء المسؤولين يركزون على تحقيق الأرقام بدلًا من تحقيق الأثر الاجتماعي المباشر. ووصفهم بأنهم "يجيدون تمارين الأرقام، لكنهم ينسون أن الرقم الأهم هو المواطن"، مضيفًا أن الحكومة تتعامل مع الملفات الكبرى بمنطق الإدارة التقنية بدلًا من اتخاذ قرارات جريئة تعالج الاختلالات العميقة.

ورغم تركيز الحكومة على مشاريع كبرى مثل توفير البنية التحتية لـ"مونديال 2030" (بطولة كأس العالم لكرة القدم) الذي سينظمه المغرب بشكل مشترك مع اسبانيا والبرتغال، إلا أن أوزين يرى أن الأولوية يجب أن تكون لتحسين الظروف المعيشية للمواطنين، خاصة في القرى والمناطق النائية. وانتقد طريقة التعامل مع تداعيات زلزال الحوز، الذي ضرب الجنوب المغربي العام الماضي، معتبرًا أن الضحايا لا يزالون يعانون ظروفًا صعبة دون حلول ناجعة. وقال متسائلًا: "كيف يمكن الحديث عن تنظيم كأس العالم، بينما لا تزال بعض القرى تعاني من نقص في الخدمات الأساسية؟"، متهمًا الحكومة بالانشغال بالترويج لمشاريع مستقبلية بدلًا من التركيز على الملفات الآنية.

"مول الحوت".. نموذج لتأثير الشارع أكثر من السياسيين
وكي يدعم قوله، ويبين تراجع ثقة المغاربة في المؤسسات الرسمية، استشهد بشخصيات غير سياسية أصبحت تمثل صوت الشارع المغربي، منها شاب يقيم بمراكش جنوب المغرب يبيع السمك بثمن أقل مما يروج في كل الاسواق المغربية، حيث استطاع هذا الشاب، الذي اشتهر باسم "مول الحوت" (بائع السمك)، من خلال هاتفه المحمول أن يطلق صرخة تعكس معاناة المواطن البسيط مع غلاء المعيشة. عبر مقاطع فيديو بسيطة لكنها قوية، ناقش قضايا يومية، مثل ارتفاع الأسعار بسبب جشع المضاربين، وتراجع القدرة الشرائية.

هذه المقاطع، التي قد تبدو عابرة، تحولت إلى ظاهرة مؤثرة في الرأي العام، وأصبحت أكثر مصداقية من خطابات الوزراء والبرلمانيين، وهو ما يعكس حجم الفجوة بين الخطاب السياسي الرسمي والواقع المعيشي للمغاربة. 

واعتبر أوزين "بائع السمك" بأنه تحول إلى رمز لتراجع الثقة في الخطاب السياسي الرسمي، وعلامة على تحول المواطن إلى فضاءات بديلة للتعبير عن همومه.

وخلص أوزين إلى القول إن المشهد السياسي المغربي ظل محكومًا بمنطق "الكمبارس" و"المصفقين"، في وقت يبحث فيه المواطن عن بدائل جديدة للتعبير عن مطالبه. ودعا السياسيين إلى إبداع حلول تعيد بناء جسور الثقة مع المجتمع، وتقديم رؤية واضحة للمستقبل، بعيدًا عن الحسابات الضيقة والمصالح الفئوية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار