قطاع غزة: يصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأحد إلى إسرائيل مع سعي الوسطاء إلى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة يؤمل في أن يحول دون تصعيد إضافي في الشرق الأوسط، وذلك غداة رفض قيادي في حركة حماس "الإملاءات الأميركية" في المفاوضات.
وهذه الزيارة التاسعة لبلينكن منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) في أعقاب هجوم غير مسبوق شنته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على جنوب إسرائيل.
وأقلعت طائرة بلينكن ليلا من قاعدة أندروز في ولاية ماريلاند الأميركية. ويتوقع أن يصل في وقت لاحق اليوم الى تل أبيب حيث سيلتقي مسؤولين إسرائيليين، قبل أيام من استئناف مباحثات اتفاق وقف النار في القاهرة.
وبعد مباحثات امتدت يومين في الدوحة هذا الأسبوع غابت عنها الحركة الفلسطينية، أعلنت دول الوساطة الولايات المتحدة وقطر ومصر تقديم مقترح جديد "يقلّص الفجوات" بين إسرائيل وحماس لوقف النار في الحرب المتواصلة منذ أكثر من عشرة أشهر، والإفراج عن الرهائن الإسرائيليين.
وأكد الرئيس الأميركي جو بايدن أن الاتفاق بات "أقرب من أي وقت مضى".
الا أن القيادي في حماس سامي أبو زهري رأى في بيان لوكالة فرانس برس إن ذلك "وهم"، مشددا على أن "الاحتلال يواصل عرقلة كل المساعي لإتمام أي اتفاق".
وأضاف "لسنا أمام اتفاق أو مفاوضات حقيقية بل أمام فرض إملاءات أميركية".
في اليوم ذاته، أعرب المفاوضون الإسرائيليون العائدون من المحادثات "عن تفاؤلهم الحذر" لبنيامين نتانياهو، وفق مكتب رئيس الوزراء.
وأضاف المكتب في بيان "هناك أمل أن يتيح الضغط الكبير للولايات المتحدة والوسطاء على حماس، أن تتراجع عن معارضتها للاقتراح الأميركي الذي يتضمن عناصر مقبولة لدى إسرائيل".
وكان مصدر قيادي في حماس أكد الجمعة أن الحركة ترفض "الشروط الجديدة" التي وضعتها إسرائيل، موضحا أنها تشمل إبقاء قوات في منطقة الشريط الحدودي مع مصر (محور فيلادلفيا)، وحق الفيتو بشأن الأسرى الفلسطينيين الذين سيفرج عنهم في أي اتفاق تبادل، أو إبعادهم خارج الأراضي الفلسطينية.
وتصرّ الحركة بدورها على شروطها وأبرزها وقف النار الكامل والانسحاب من القطاع والسماح بعودة النازحين.
ومنذ اندلاع الحرب، أبرم الطرفان اتفاق هدنة وحيدا امتد لسبعة أيام أواخر تشرين الثاني (نوفمبر)، أتاح الافراج عن أكثر من مئة من الرهائن، لقاء مئات المعتقلين الفلسطينيين.
ولم تنجح كل المباحثات في المراحل اللاحقة، بابرام أي تفاهم جديد.
وتتهم حماس ومحللون ومحتجون إسرائيليون نتانياهو الذي وضع هدفا هو "القضاء" على الحركة الفلسطينية، بعرقلة التوصل إلى اتفاق لحماية ائتلافه الحاكم اليميني المتشدد.
وقال يوسي (53 عاما) على هامش تجمع شارك فيه الآلاف في تل أبيب ليل السبت للمطالبة باتفاق لإعادة الرهائن "لدينا رئيس وزراء ليس على استعداد كبير للإفراج عن الرهائن، وإنهاء الحرب، لأنه لديه مصالحه الخاصة".
وتأتي جولة بلينكن الحالية في ظل ارتفاع التوتر في الشرق الأوسط، بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية في طهران بعملية منسوبة الى إسرائيل، واغتيال القيادي العسكري البارز في حزب الله اللبناني فؤاد شكر بضربة إسرائيلية قرب بيروت.
وتوعدت طهران وحزب الله الحليف لها، بالرد على عمليتي الاغتيال. في المقابل، أكدت اسرائيل استعدادها "دفاعيا وهجوميا"، بينما عززت حليفتها الولايات المتحدة انتشارها العسكري في المنطقة للدفاع عنها.
غارات وقتال
على الأرض، تواصل إسرائيل عمليات القصف والقتال في قطاع غزة، وأيضا في الضفة الغربية التي تحتلها.
والأحد، أعلن الدفاع المدني الفلسطيني في غزة ومسعفون مقتل سبعة أشخاص في قصف صاروخي في دير البلح وسط القطاع، وأربعة آخرين في مخيم جباليا بشمال القطاع.
وقال الجيش الإسرائيلي إن قواته "تواصل أنشطتها العملياتية" في دير البلح وخان يونس (جنوب)، مشيرا أنه "قضى على نحو 20 إرهابيا" خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية في رفح على حدود القطاع مع مصر.
وأفاد مصدر في الفصائل بوقوع "اشتباكات عنيفة" بين مسلحين فلسطينيين والقوات الإسرائيلية في رفح السبت.
وكان الدفاع المدني أعلن السبت مقتل 15 شخصا من عائلة فلسطينية واحدة في قصف جوي إسرائيلي في حيّ الزوايدة بوسط القطاع.
وقال الجيش لفرانس برس إن قواته استهدفت منصات لإطلاق الصواريخ وسط قطاع غزة وإنه "تلقى معلومات عن مقتل مدنيين في منزل بسبب الضربة"، وأنه "يجري تحقيقا".
اندلعت الحرب إثر هجوم لحماس على إسرائيل في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) أسفر عن مقتل 1198 شخصا، معظمهم مدنيون، وفق حصيلة لفرانس برس تستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية.
وخُطف خلال الهجوم 251 شخصا، لا يزال 111 منهم محتجزين في غزة، بمن فيهم 39 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.
وأسفرت الغارات والقصف والعمليات البرية الإسرائيلية في قطاع غزة عن مقتل 40074 شخصا على الأقل، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.
والسبت أعلن الجيش الإسرائيلي أن حصيلة قتلاه بلغت 332 منذ بدء الحملة البرية في 27 تشرين الأول (أكتوبر).
مخاوف من اتساع الجبهات
وتزامنا مع الحرب في غزة، تصاعدت الاعتداءات في الضفة الغربية المحتلة.
وقتل فلسطينيان مساء السبت في قصف طاول سيارتهما في جنين بشمال الضفة، وفق وزارة الصحة الفلسطينية، فيما أكد الجيش الإسرائيلي أنه نفذ "ضربة جوية على خلية إرهابية".
ونعت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، عنصريها أحمد أبو عرة ورأفت دواسة، مؤكدة أنهما "كانا المسؤولين عن التخطيط والتنفيذ لعدة عمليات نوعية".
وتسببت الحرب بأزمة إنسانية كارثية في القطاع الذي يقطنه 2,4 مليون شخص.
والجمعة، طالبت منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) بهدنتين مدة كل منهما سبعة أيام لتطعيم أكثر من 640 ألف طفل ضد شلل الأطفال.
جبهات أخرى
أثارت حرب غزة مخاوف من اتساعها الى جبهات أخرى، خصوصا لبنان حيث يتبادل حزب الله والدولة العبرية القصف يوميا عبر الحدود.
وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية السبت مقتل عشرة سوريين بينهم أطفال، بغارة اسرائيلية بجنوب البلاد. والحصيلة هي من الأعلى لضربة منذ بدء التصعيد.
واستهدفت الغارة منطقة وادي الكفور في النبطية، وأدت إلى "استشهاد عشرة أشخاص من الجنسية السورية بينهم امرأة وطفلاها"، حسب الوزارة.
ومن شأن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار أن يمثل انتصارا كبيرا لبايدن في وقت يستعد الحزب الديموقراطي للاجتماع في شيكاغو في مؤتمر سترشّح فيه نائبة الرئيس كامالا هاريس رسميا لخوض الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني (نوفمبر).
ويُتوقع خروج متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين على هامش المؤتمر للتنديد بسياسة إدارة بايدن الداعمة لإسرائيل. ووافقت الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة على صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار.