: آخر تحديث
مخاوف من تكرار سيناريو مدينة بني ملال

سخونة غير معتادة في المغرب.. "ابحث عن الشركي"

18
15
14

إيلاف من الرباط: ترتبط الصورة الذهنية للمغرب لدى الملايين حول العالم بالأجواء المعتدلة، وهي لاتزال كذلك على أي حال، ولكن في الآونة الآخيرة حدث ارتفاع في درجات الحرارة، مما دفع البعض للسؤال عن أسباب ذلك، وما هي الأضرار المترتبة على ارتفاع درجات الحرارة بصورة غير اعتيادية في بلد اعتاد الأجواء المعتدلة.

أرجع الخبير المغربي في التغيرات المناخية والبيئية مصطفى العيسات "موجات الحرارة غير المسبوقة" في المملكة إلى عوامل طبيعية وأخرى إنسانية، حيث يشهد المغرب صيفا ساخنا لم يسبق له مثيل.

وقال العيسات في تصريح صحفي إن العوامل الطبيعية التي تسببت بموجات حرارة غير مسبوقة تتعلق برياح الجنوب الساخنة المتوجهة إلى الشمال أو ما يعرف (بظاهرة الشركي) والتي تؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة.

وأوضح أن المغرب شهد في السنوات الماضية "قساوة مناخية تتسم بارتفاع كبير في درجات الحرارة".

الاحتباس الحراري 
وعن الأسباب الإنسانية أوضح الخبير المغربي أنها ترتبط "بالاحتباس الحراري الناتج عن الغازات الدفيئة وعدم التزام العديد من الدول باتفاقية باريس للمناخ".

واتفاق باريس للمناخ هو أول اتفاق دولي شامل حول حماية المناخ تم التوصل إليه في 2015 بالعاصمة الفرنسية بعد مفاوضات مطولة بين ممثلين عن 195 دولة، وتُلزم المعاهدة الدول الموقعة باحتواء معدل الاحتباس الحراري.

وفي 2016 وقعت 190 دولة الاتفاقية المعروفة أيضا باسم "كوب 21" التي تتضمن توفير المزيد من الموارد المالية للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري وتطوير القدرة على التكيف مع التغير المناخي.

وأشار العيسات إلى أن "ارتفاع درجات الحرارة تؤثر على حرارة المحيطات مما يرفع بدوره من وتيرة التقلبات المناخية مثل الأمطار الطوفانية".

3 مستويات لمخاطر ارتفاع الحرارة 
وعن مخاطر استمرار موجة الحر قال العيسات إنها تتمثل في 3 مستويات وهي "ندرة المياه والحرائق وتضرر التنوع البيولوجي".

وأضاف أن المستوى الأول يتعلق بـ"الإجهاد المائي وندرة المياه وتقلص الفرشة المائية (موارد مائية باطنية)".

وأوضح أن مخزون السدود في البلاد تقلص إلى 23 بالمائة فيما تقلص بعض مخزونها إلى 5 بالمئة "الأمر الذي بدوره يؤثر على تراجع الإنتاج الزراعي وبالتالي ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية|.

وأما المستوى الثاني فهو يتمثل بحسب الخبير المغربي بـ"اندلاع الحرائق بسبب الحر بما يؤثر على الغابات".

وقال عن ذلك: "هذه الحرائق دفعت الحكومة لاعتماد استراتيجية جديدة للحد منها واقتناء طائرات "كنادير"(تعنى بإطلاق الحرائق) واستعمال التكنولوجيا الحديثة والدرونات (الطائرات المسيرة)".

وفيما يتعلق بالمستوى الثالث قال العيسات إن "الحرارة والحرائق يؤثران على التنوع البيولوجي خاصة على الغابات وهو ما يخلف أضرارا اقتصادية واجتماعية كما حدث بمدينة بني ملال حيث توفي 21 فردا بسبب موجة الحرارة".

إجراءات مغربية لمواجهة ارتفاع الحرارة 
ووسط هذه التداعيات خاصة على مستوى المياه اتخذت البلاد عدة إجراءات لمواجهة الأزمة.

وفي هذا الإطار دعا العاهل المغربي محمد السادس في 29 تموز (يوليو) الماضي إلى ضرورة "الإسراع بإنجاز محطات تحلية مياه البحر حسب البرنامج المحدد لها والذي يستهدف توفير أكثر من 1.7 مليار متر مكعب سنويا".

وأضاف في خطاب متلفز آنذاك إن "هذه المشاريع ستمكن المغرب في أفق 2030 من تغطية أكثر من نصف احتياجاته من المياه الصالحة للشرب إضافة إلى ري مساحات فلاحية كبرى بما يساهم بتعزيز الأمن الغذائي للبلاد".

وكان المغرب قد أعلن بدء أعمال تشييد محطة لتحلية مياه البحر بمدينة الدار البيضاء، قال إنها ستكون "الأكبر" من نوعها في القارة الإفريقية بطاقة إنتاج سنوية تصل لنحو 300 مليون متر مكعب من المياه المحلاة.

وقال العيسات إن "غياب العدالة المناخية ما بين الدول المصنعة والنامية يجبر الأخيرة على دفع ضريبة الدول المتقدمة التي تساهم بشكل كبير في الاحتباس الحراري".

وتابع: "ظاهرة الحرارة تؤدي أيضا إلى ظاهرة النينو الطبيعية، التي تسبب فيضانات وتنعكس سلبا على الاقتصاد والبنية التحتية".

و"النينو" هي ظاهرة طبيعية تصيب المحيطات كل 4 - 12 عاما حيث ترتفع درجة حرارة المياه السطحية، بما يولد كتلا وتيارات مائية دافئة في المناطق المدارية بما يحدث تغيرات مناخية.

ويشهد المغرب صيفا ساخنا بسبب موجة حر غير مسبوقة ألقت بظلالها السلبية على المواطنين ووضعت القطاعات الحيوية خاصة الزراعة والمياه أمام تحديات ومخاطر كبيرة.

والمغرب الذي كان من النادر أن يعلن خلال السنوات الماضية عن وفيات بسبب ارتفاع درجات الحرارة قال في 25 تموز (يوليو) الماضي إن 21 شخصا لقوا مصرعهم بمدينة بني ملال شمال البلاد في يوم واحد بسبب الحر.

والأسبوع الماضي تراوحت درجات الحرارة في المغرب لمستويات "قياسية" بحسب هيئة الأرصاد الجوية تراوحت بين 42 و47 درجة فيما تخطت في 23 تموز (يوليو) الماضي حاجز 47 درجة.

وموجة الحر هذه خلفت تداعيات أبرزها استمرار الجفاف الذي يضرب البلاد للعام السادس على التوالي.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار