: آخر تحديث
يعرف هذه السنة ارتفاعا  في أسعار الأغنام

إحياء عيد الأضحى في المغرب عرف تحولات ثقافية واقتصادية

9
11
9

إيلاف من الرباط: يحتفل المغاربة، الاثنين، بعيد الأضحى، المناسبة الدينية التي لفرط تميزها بالنسبة إليهم أطلقوا عليهاتسمية أخرى، أكثر تلخيصا للمكانة التي يحتلها في قلوبهم: "العيد الكبير"، بتسكين كاف "الكبير"، كما ينطقونها بلسانهم الدارج، زيادة في توقيرها والإعلاء من مكانتها.

ونظرًا لقيمته الدينية والاجتماعية المعتبرة، شكل عيد الاضحى على الدوام مناسبة لصلة الرحم، وممارسة طقوس وعادات اجتماعية، تشكل فيها الأضحية أساسا ومنطلقا، لذلك يحرص المغاربة على اقتنائها مهما كلفهم ذلك من تضحيات، تصل، عند بعض أصحاب الأسر، حد الاقتراض من شركات متخصصة،وذلك حتى لا يظهروا بمظهر العاجز أمام الزوجة والأبناء.

في سوق الماشية 

هذه السنة، يحل عيد الأضحى مختلفا عن سابقيه من حيث سياق وظروف الاحتفال به، بعد أن وجدت كثير من الأسر ذات الدخل المحدود، وحتى من الطبقة المتوسطة، صعوبة في توفير ثمن الأضحية، وذلك بفعل تزامنه، بحسب عدد من المهتمين والمتتبعين، مع "أزمة غير مسبوقة من حيث ندرة العرض ومستوى الأسعار المرتفع".

عيد في الفندق

فضلا عن سياق وظروف الاحتفال بعيد الأضحى لهذه السنة، لوحظ نوع من التحول في إحياء هذه المناسبة الدينية، بعد التزايدالمسجل في توجه بعض الأسر إلى إحيائه في فنادق وإقامات سياحية ضمن طقوس مختلفة عن تلك التي اعتادها المغاربة، بفعل التغير الذي طال عددا من العادات الاستهلاكية، الشيء الذي صار يعكس، بحسب البعض" تحولا ثقافيا واجتماعيا، في المجتمع المغربي، وتخليا صريحا عن مجموعة من العادات والتقاليد لدى جزء مهم من المغاربة في عيد الأضحى".

واستثمرت مؤسسات فندقية هذا التحول بشكل مربح، بعد أن صارت تطرح عروضا سياحية، تهم إحياء مناسبة عيد الاضحى في ظروف تنتصر للجمع بين مزايا السفر والسياحة وإحياء الشعيرة الدينية، حيث تتكفل بذبح الأغنام وتقديم الوجبات ضمن طقوس تقليدية، فضلا عن توفير ظروف الترفيه بالنسبة للأطفال: "احتفل بالعيد مع "بوفيه"، فطور وغداء فاخر يضم التخصصات المغربية . انضم إلينا لتجربة طهي استثنائية تجمع بين التقاليد والنكهات الأصيلة. استمتع بهذه اللحظة من المشاركة والعيش مع أحبائك"، هكذا توجهت صفحة فندق مصنف بمراكش إلى من يرغب في إحياء عيد الأضحى خارج دائرة الطقوس المغربية المعتادة.

أسعار الأغنام

بينما تنشط في البوادي الأسواق الأسبوعية، تكرست، في السنوات الأخيرة، في المدن الكبرى والمتوسطة، ظاهرة تخصيص الأسواق الممتازة لفضاءات خاصة لبيع الأغنام، في الوقت الذي تظهر فيه بالأحياء الشعبية "حظائر" مؤقتة لنفس الغاية.

وفي حين يتم اقتناء الأغنام من الأسواق الأسبوعية في القرى والبوادي، وفي الأحياء الشعبية داخل المدن، بشكل تقليدي يعتمد على الدخول في مساومة بين البائع والمشتري حول ثمن إجمالي للخروف، تعتمد الأسواق الممتازة فكرة البيع حسب الكيلوغرام، حيث يتفاوت السعر حسب سلالة الأغنام، والتي تتصدرها سلالة "الصردي"، من حيث الجودة ودرجة الإقبال.

ومقارنة بالسنة الماضية مثلا، والتي "اشتكى" خلالها كثيرون من ارتفاع الأسعار، فقد لوحظ هذه السنة ارتفاع في سعر الأغنام، إذ أن سعر الخروف من سلاسة "الصردي"، مثلا، قد ارتفع إلى 87 درهما للكيلوغرام، مقابل 69 درهما قبل سنة. وهو ما يعني، مثلا، أن الخروف من هذه السلالة، والذي يزن 60 كيلوغراما قد ارتفع سعره الإجمالي، بين سنة وأخرى، من 414 دولارا إلى 522دولارا.

وتشتهر، في المغرب، سلالات عديدة، أبرزها "الصردي"، وهي سلالة ذات قامة كبيرة، بيضاء مع سواد في مقدمة الوجه حول العينين وعند نهاية الأرجل والأذنين والعنق، و"تمحضيت" و"الدمان" و"بني كيل" و"أبي الجعد".

ولمواجهة النقص المسجل على مستوى العرض، عمدت الحكومة المغربية، أخيرا، إلى استيراد أغنام من إسبانيا ورومانيا.

لذلك، اقترحت الأسواق المغربية، إلى جانب السلالات المغربية، الأغنام المستوردة، والتي تعرضها الأسواق الممتازة، مثلا، بأسعار تتراوح بين 60 و67 درهما للكيلوغرام.

عرض وطني واستيراد

كان محمد الصديقي، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنميةالقروية والمياه والغابات، قد استعرض، أخيرا، أمام مجلس المستشارين، وضعية السوق الوطنية الخاصة بالأضاحي والتدابير التي اتخذتها وزارته لإنجاح هذه المناسبة الدينية، مشيرا إلى أنه "من المرتقب أن يصل العرض الوطني من الأضاحي  خلال هذه السنة إلى 7,8 ملايين رأس، منها 6,8 ملايين رأس من الأغنام ومليون رأس من الماعز، في حين إن الطلب المرتقب يقدر بحوالي 6 ملايين رأس، منها 5,4 ملايين من الأغنام و600 ألف من الماعز". 

وأوضح الصديقي أن "عملية الترقيم وصلت إلى 5,8 ملايين رأس، في حين إن الاستيراد من الخارج وصل  إلى 450 ألف رأس بنهاية مايو الماضي، في وقت تطمح الوزارة  إلى استيراد ما يصل إلى 600 ألف رأس للرفع من العرض والاستجابة لطلب والتخفيف من الضغط على الماشيةالوطنية، على أن تتزايد هذه الأرقام خلال الأيام المقبلة"، فيما "جرى إعفاء المستوردين من الرسوم الجمركية والضريبية ومنحهم500 درهم ( 50 دولار) عن كل رأس مستورَد".

مهن موسمية

لا تتوقف مصاريف عيد الأضحى عند اقتناء "خْروف" العيد، بل تتعداه إلى إعداد الحلويات واقتناء أزياء للأبناء وتوفير لوازم إعداد الأضحية، وغيرها.

ويشكل عيد الأضحى، في المغرب، فرصة لانتعاش مهن موسمية ترتبط بهذه المناسبة الدينية، تشمل بيع علف الأغنام وشحذالسكاكين بأدوات تقليدية، وبيع الفحم، والأواني الموجهة للعيد، خصوصا وسط شوارع وأزقة الأحياء الشعبية، بالمدن، فضلا عن لوازم ذبح وتقطيع وشي أضحية العيد. كما تلقى تجارة التوابل رواجًا ملحوظًا، حيث تحرص الأسر المغربية على اقتنائها لاستخدامها في تحضير وجبات خاصة، بهذه المناسبة.

ولأن للمناسبة طابعها الاحتفالي الخاص، يزداد الإقبال على محلات بيع الملابس؛ عصرية أو تقليدية، سواء تعلق الأمر بالصغار أو الكبار، الشيء الذي يخلق رواجًا تجاريًا وحركية اقتصادية.

عادات وتقاليد

يترافق الاحتفال بعيد الأضحى بعادات وتقاليد كثيرة، ما زالت صامدة، رغم التحولات المجتمعية؛ منها "بوجلود" أو "السبع بو البطاين"، التي تتلخص في أن يتم اختيار شخص لارتداء جلود الأضاحي، ولف جسده بسبعة منها، خصوصا جلود الماعز، لخفتها ومرونتها، ليطوف على أهالي المنطقة، لجمع ما تجود به أياديهم، سواء من المال أو من جلود الأضاحي.

 

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار