تردد مؤخرا اسم كمال عدوان بعد انسحاب الدبابات الإسرائيلية من مستشفى تحمل اسمه في شمال قطاع غزة، السبت 16 كانون الأول/ديسمبر، تاركة خلفها مشاهد دمار وفوضى، وسكاناً مدنيين منكوبين يبحثون عن جثث ذويهم بين الأنقاض.
وتأسس المستشفى الحكومي عام 2002، بعد الانتفاضة الثانية. ويقع في مشروع بيت لاهيا ضمن حدود محافظة شمال غزة، وافتتح لتلبية حاجات سكان جباليا، وبيت لاهيا، وبيت حانون.
فمن هو كمال عدوان الذي أطلق اسمه على مستشفى في مخيم جباليا في غزة؟
كمال عدوان قيادي فلسطيني من مؤسسي حركة فتح، اغتالته إسرائيل عام 1973 في بيروت، ضمن سلسلة عمليات للموساد هدفت إلى اغتيال قادة فلسطينيين، ردّاً على عملية ميونيخ عام 1972.
تولّى عدوان مسؤولية جهاز الإعلام في الحركة، واختير عضواً في المجلس الوطني الفلسطيني عام 1964، وعضوا في اللجنة المركزية لحركة فتح عام 1970.
ولد عام 1935 في قرية البيرة القريبة من عسقلان، و "لجأ مع عائلته إلى غزّة عام 1948 عقب النكبة"، وفق ما يذكر موقع منظمة التحرير الفلسطينية.
وكان في ما سبق عضوا في تنظيم الإخوان لكنه ترك التنظيم عام 1954 وأسّس تنظيماً مسلحاً للعمل الفدائي.
اعتقلته إسرائيل عام 1956، وأفرجت عنه في العام ذاته بعد انتهاء الحرب، وعودة غزة إلى الإدارة المصرية.
درس هندسة النفط في مصر وعمل في السعودية وقطر حيث ساهم في تأسيس فروع لتنظيم فتح.
عملية فردان 1973
في أواخر الستينيات، نشطت التنظيمات الفلسطينية المسلّحة في تنفيذ عمليات أمنية ضد إسرائيل، كان أبرزها عمليات خطف طائرات الركاب المدنية، للمطالبة بالإفراج عن معتقلين فلسطينيين.
وعلى سبيل المثال، قام تنظيم "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" بخطف طائرة الركاب التابعة لشركة "العال" الإسرائيلية عام 1968، وطائرة أمريكية عام 1969 في عملية نفّذتها ليلى خالد.
ردّاً على ذلك، لجأت إسرائيل إلى سياسة اغتيال قادة فلسطينيين، لا سيما تلك المسؤولة عن التخطيط لهذا النوع من العمليات.
في عام 1972 نفذّت مجموعة "أيلول الأسود" الفلسطينية عملية اختطاف 11 رياضياً خلال دورة الألعاب الأولمبية في ميونيخ.
انتهت العملية بمقتل الرهائن وخاطفيهم بعد فشل عملية الإنقاذ.
بعد عملية ميونيخ، قرّرت إسرائيل تصعيد عمليات اغتيال قادة فلسطينيين.
ففي العاشر من نيسان/أبريل 1973، تسلّلت وحدة كوماندوس عسكرية إسرائيلية عبر البحر إلى بيروت ونفّذّت عملية اغتيال ثلاثة قادة فلسطينيين هم محمد يوسف النجّار، وكمال ناصر، وكمال عدوان الذي اغتيل في شقّته في بيروت.
شارك رئيس الوزراء السابق إيهود باراك في العملية حين كان ضابطاً في الجيش، وتنكّر مع مساعده بثياب امرأة.
ولبس الجنود الإسرائيليون الآخرون ملابس مدنية لتجنب كشفهم. وأطلقت إسرائيل على هذه العملية اسم "ربيع الشباب".
وما أن وصل الإسرائيليون إلى بيروت، اقتادتهم سيارات مدنية يقودها عملاء للموساد إلى وجهتهم.
وتمكن الإسرائيليون خلال هذه العملية من تفجير مبنى تابع للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين.
وشهدت شوارع بيروت معارك عنيفة مع المداهمين قبل تمكنهم من الانسحاب بحراً وجوّاً، وبعد مقتل جنديين إسرائيليين في العملية.
وقدّم رئيس الوزراء اللبناني صائب سلام استقالته على خلفية تلك الأحداث، وتوترت العلاقة بين فصائل منظمة التحرير الفلسطينية والنظام اللبناني الذي وجهت له اتهامات بعدم حماية الفلسطينيين.
نشاط الموساد في بيروت قبل العملية
نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت عام 2019، وثائق وصوراً ومقابلة مع عميلة للموساد تدعى يائيل مان، روت فيها تفاصيل المهمة التي كلفها بها الموساد في بيروت.
وتولّت يائيل مهمّة مراقبة القيادات الفلسطينية في فردان، وتسجيل أوقات تحركاتهم وتفاصيل دقيقة أخرى، مثل وقت إطفاء الأنوار في المنزل أو إشعالها.
مكثت يائيل في بيروت على أنها سائحة أوروبية، وأرسلت صوراً ومعلومات تتعلق بنشاط القادة الفلسطينيين لا سيما كمال عدوان.
عملية كمال عدوان
بعد خمس سنوات، عام 1978، تردد اسم كمال عدوان مجدداً في إسرائيل. لكن هذه المرة كان الفلسطينيون من بادر إلى عملية أمنية حملت اسم "كمال عدوان"، وتعرف إسرائيلياً باسم مجزرة الطريق الساحلي.
وتسلّل مقاتلون من حركة فتح عبر البحر إلى ساحل مدينة حيفا، واعترضوا حافلة ركاب تتجه إلى تل أبيب، كانت تقلّ 83 إسرائيلياً.
وكانت المجموعة تنتمي إلى "كتيبة دير ياسين"، وقادتها شابة تبلغ من العمر 19 عاماً تدعى دلال المغربي، وضمت ثلاثة لبنانيين، ويمني، وثمانية فلسطينيين.
كانت مشاركة امرأة شابة في عمليات عسكرية فلسطينية عبر الحدود غير مسبوقة، وكانت دلال قد تلقت تدريبات في ما كان يعرف بكتيبة محمد يوسف النجار (أبو يوسف).
خلال هذه العمليّة، ظهر إيهود باراك مرة أخرى، إذ كُلّف من الجيش على رأس مجموعة لمواجهة المجموعة الفلسطينية المتسللة.
انتهت الحادثة بمقتل 38 مدنياً إسرائيلياً وجندي واحد، إلى جانب تسعة من منفذي الهجوم، وغرق اثنين من المجموعة قبل وصولهما إلى شاطئ حيفا، واعتقال اثنين بقيا على قيد الحياة، هما خالد أبو إصبع وحسين فياض اللذين أفرج عنهما لاحقاً في عملية تبادل أسرى سنة 1983.