: آخر تحديث
حال الضفة الغربية ليست أفضل من القطاع

جنين: أعمال العنف تتواصل من جيل لآخر

40
37
38

جنين (الاراضي الفلسطينية): في مدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة تخشى مادلين صبّاغ الحامل في شهرها السابع من تواصل أعمال العنف المستمرة منذ سنوات لأجيال مقبلة بعد أن كان زوجها من بين آخر من قُتلوا.

تجلس المرأة عند نافذة تطل على مخيم جنين البالغ الاكتظاظ، وتقول إنها توقفت عن الأكل منذ مقتل زوجتها إثر إصابته في القلب في وقت سابق هذا الشهر.

وتوضح العائلة أن محمد صباغ (30 عاما) كان يقف بجانب شقيقه أمام النافذة نفسها خلال عملية دهم للقوات الإسرائيلية، عندما أصيب برصاص قناص.

وللزوجين ثلاثة أولاد، وقالت صبّاغ (24 عاما) "بالتأكيد كأم، أخشى على سلامتهم".

أضافت "هم أطفالي وأنا والدتهم. لكن الآن أنا أمهم وأبوهم".

تعتاش العائلة من صالون تجميل كان في أوقات أفضل يستضيف حفلات أعراس، لكن النوافذ أصبحت الآن مثقوبة بالرصاص.

وقُتل مئات الفلسطينيين، من بينهم مسلحون ومارة وأطفال هذا العام خلال عمليات دهم إسرائيلية في جنين، التي طالما اعتبرت معقل الفصائل الفلسطينية المسلحة.

تصاعدت وتيرة العنف في أنحاء الضفة الغربية إثر هجوم حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر على الدولة العبرية وما أعقبه من حملة عسكرية إسرائيلية ضد الحركة الفلسطينية. وعائلة صبّاغ واحدة من العديد من العائلات التي قتل أقارب لها، غالبيتهم من الرجال، في جولات عنف سابقة.

وتتحمل نساء تلك العائلات التداعيات طوال حياتهن، ويتردد صدى ذلك عبر الأجيال.

وتقول إيمان صبّاغ والدة محمد "هذه ليست حياة، من استشهدوا هم المحظوظون والمباركون".

دوي صفارات الإنذار

كان مخيم جنين مركز الانتفاضة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي، والمعروفة بالانتفاضة الثانية، في مطلع الألفية الثانية.

في 2002 حاصر الجيش الإسرائيلي المخيم لأكثر من شهر وسط قتال شرس، سوّيت فيه مئات المنازل بالأرض فيما قتل 52 فلسطينيا و23 جنديا إسرائيليا.

وتغطي صور شبان فلسطينيين قتلوا في معارك ضد القوات الإسرائيلية جدران المخيم المنخورة بالرصاص.

وبينما كان أولاد عائلة صبّاغ يلهون، لم يكترثوا لسماع رشقات نارية أطلقت في جنازة شاب يبلغ 21 عاما توفي متأثراً بجروح أصيب بها في عملية إسرائيلية مؤخرا.

وقال العديد من أهالي جنين لوكالة فرانس برس إن سنوات من أعمال العنف كان لها تداعيات كبيرة على المجتمع وخصوصا في ما يتعلق بالصحة العقلية.

وقالت مجد أبو سلامة التي تعمل لدى مركز محلي للنساء إن "معظم الأطفال لا يستطيعون النوم ليلا، وكذلك أمهاتهم لأن الأطفال يصرخون كلما دوت صفارات الإنذار".

وأضافت "عندما تسير في المخيم لا ترى إلا أطفالا".

وتابعت "الأمر يؤثر علينا لاننا نخسر المعيلين ولا يبق سوى كبار السن، فيما أبناؤهم الأصغر إما غادروا المخيم وإما استشهدوا".

سرير فارغ

احتلت إسرائيل الضفة الغربية في حرب 1967، ومحادثات السلام مع القادة الفلسطينيين في حكم الميتة منذ سنوات.

وحمل بعض الفلسطينيين السلاح ضد القوات الإسرائيلية مثل الفتى يامن جرار الذي قتل في 3 تشرين الثاني/نوفمبر.

ووضعت عشرات الصور للفتى البالغ 16 عاما إلى جانب سريره الفارغ.

وقالت والدته جيهان جرار إن ابنها "طالما أراد أن يكون شهيدا، مثلما يحب آخرون السفر مثلا".

أضافت "لم يحب ما كان يحصل ... وعندما يكون أحدهم متعلقا بشدة بوطنه لا يمكن وقفه".

يحدق أحد ابنيها إلى صور شقيقه المعلقة في غرفة الجلوس، وتدمع عيناه عندما تقول والدته إنها لا تريد "شهيدا" آخر بين أبنائها.

وتصف سميحة زويد، جدة يامن جرار، تأثير الحزن والصعوبات على العائلة.

وتقول إن العائلة تواجه صعوبة في تسديد أقساط مدرسة الولدين وتحتفظ بالأموال.

وترى أن "هذا يؤدي إلى رد فعل معين ... عند عدم ارتياد المدرسة وعدم توافر أي شيء للقيام به، كيف سيكون رد فعل الشبان؟".

وبعد أن تحدثت العائلة لفرانس برس دوت صفارات الإنذار في أنحاء جنين محذرة من اقتراب القوات الإسرائيلية.

استمر القتال لساعات وكانت تُسمع خلال الليل أصوات المعارك والانفجارات القوية وهدير الطائرات المسيّرة.

صباح اليوم التالي أقيمت جنازة ثلاثة رجال من الأهالي، وقال الجيش الإسرائيلي إن عدد القتلى الفلسطينيين خمسة.

وقالت مادلين صبّاغ لوكالة فرانس برس إنها ستشعر "دائما بالخوف".

أضافت "لا نعلم ما يخبئه المستقبل للأولاد عندما يكبرون".

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار