: آخر تحديث
وصارت المنطقة كلها بيده

بوتين: ماذا بعد لوهانسك؟

56
60
60
مواضيع ذات صلة

مبنى
Reuters
دخان يتصاعد فوق مبنى في ليسيتشانسك عقب ضربة عسكرية روسية الشهر الماضي

مرة أخرى تتقدم روسيا وبطبيعة الحال تتراجع أوكرانيا.

وكما يرى حاكم مقاطعة لوهانسك، سيرهي هايداي فقد تم تجنب المعركة الشرسة طويلة الأمد التي كانت متوقعة في ليسيتشانسك، عن طريق الانسحاب التكتيكي.

وقد أخبرني هايداي بأن: "روسيا لها اليد العليا من حيث المدفعية والذخيرة، وبالتالي كانت ستدمر المدينة عن بعد وبسهولة، لذلك لم يكن من طائل من البقاء هناك".

يبدو أن هذا يتوافق مع الروايات الروسية عن الاستيلاء على المدينة، كما يبدو أن القوات الروسية تتقدم دون مقاومة تذكر. وقد أظهرت مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي يوم الأحد مقاتلين شيشان يرقصون وسط المدينة.

بوتين يأمر جيشه بمواصلة الهجوم بعد الاستيلاء على ليسيتشانسك الأوكرانية

إذا ربما من الطبيعي أن يحتفلوا، فالاستيلاء على ليسيتشانسك يعني أن روسيا قد أحكمت قبضتها على مقاطعة لوهانسك بأكملها، وهو هدف استراتيجي رئيسي لغزو الرئيس فلاديمير بوتين لأوكرانيا.

فماذا يعني ذلك بالنسبة لمعركة دونباس، وما الذي يعنيه أيضا بالنسبة للحرب على نطاق أوسع؟

لنبدأ من المنظور الأوكراني، بالنسبة للأوكرانيين كان اهتمامهم منصب على تجنب التطويق على غرار ما حدث في ماريوبول، فعلى الرغم من أن دفاعهم عن المدينة الساحلية الجنوبية أدى إلى إبطاء التقدم الروسي لعدة أسابيع، فإن النتيجة النهائية كانت قتل وأسر الآلاف من عناصر أقوى الوحدات في الجيش الأوكراني.

وبطبيعة الحال أرادت أوكرانيا تجنب تكرار هذا السيناريو بأي ثمن.

في خطابه الليلي صرح الرئيس زيلينسكي بذلك وقال متوجها للأمة: "سنعيد بناء الجدران، وسنستعيد الأرض، لكن يجب إنقاذ الأرواح قبل أي شيء".

أشار سيرهي هايدي إلى نفس النقطة بالضبط، حيث قال لي: "تراجعت قواتنا إلى مواقع أكثر تحصينا ... لقد صمدنا في الدفاع عن لوهانسك لمدة خمسة أشهر، ولكن في نفس الوقت كنا نبني تحصينات جديدة في منطقة دونيتسك".

بعد ساعات قليلة من سقوط ليسيتشانسك، ذهب المستشار الرئاسي أوليكسي أريستوفيتش إلى حد وصف الدفاع عن ليسيتشانسك وسيفيرودونتسك بأنه "عملية عسكرية ناجحة".

بالنظر إلى أن العلم الروسي يرفرف الآن فوق كلتا المدينتين، قد يبدو هذا المنطق ساذجا أو ملتبسا بعض الشيء، لكن من وجهة نظره المستشار العسكري فإن الأوكرانيين يلعبون على المدى الطويل، ويكسبون وقتا ثمينا.

لفهم هذا المنطق، عليك أن تفهم أهمية الأسلحة الغربية لمقاومة أوكرانيا. إذ أنه وباختصار، من دون إمدادات الناتو، سيكون الأوكرانيون في مأزق أكبر مما هو الحال عليه الآن.

أوكرانيا ترفض أي وقف لإطلاق النار يشمل التنازل عن أراضيها لصالح روسيا

وكلما طالت مدة تأخيرهم للتقدم الروسي، زادت إمكانية حصولهم على أنظمة الصواريخ والمدفعية المتقدمة التي يمكنهم استخدامها في القتال. يقال إن نظام HIMARS الذي قدمته الولايات المتحدة، والذي يستخدمه الأوكرانيون بالفعل، يغير بشكل جذري موازين الصراع. وبصيغة أخرى، المزيد من الوقت يعني المزيد من الإمدادات، وهو ما يؤدي بدوره إلى ترجيح كفة الميزان لصالح أوكرانيا، لا سيما بالنظر إلى أن العقوبات تجعل من الصعوبة بمكان استبدال روسيا لأسلحتها وذخائرها المستهلكة.

أما إذا ناقشنا الموضوع من وجهة النظر الروسية، فمن الواضح أن هدفهم المعلن هو الاستيلاء على دونباس أو كما يقولون "تحرير" دونباس، ولا شك أن السيطرة على لوهانسك تجعلهم أقرب لتحقيق هذا الهدف.

في الواقع فإن الرئيس الروسي سلط الضوء على أهمية السيطرة على المنطقة، عندما أطلق على قادة الهجوم وسام "أبطال روسيا"، وهو الأرفع في البلاد.

خريطة توضح المناطق التي تسيطر عليها القوات الروسية والأوكرانية
BBC

لكن ماذا بعد ذلك؟ يبدو من شبه المؤكد أن موسكو ستدفع باتجاه المحاولة للاستيلاء على بقية دونباس، وخاصة مدينتي سلوفيانسك وكراماتورسك - وكلاهما تعرضتا للقصف في الأيام الأخيرة. يقال إن لسلوفيانسك أهمية خاصة بالنسبة للانفصاليين الموالين لموسكو، لكونها موقع الحراك الأول في عام 2014.

أما بالنسبة لما هو أبعد من ذلك، فإن الاستراتيجية الروسية الأوسع ليست واضحة، إذ أن ذلك يعتمد على حالة قواتهم في حال تمكنوا من السيطرة على دونباس.

وقد اعترف الرئيس فلاديمير بوتين ضمنيا بالأمر، قائلا: "إن الوحدات التي شاركت في الأعمال العسكرية وحققت نجاحا وانتصارا في لوهانسك يجب أن تستريح وتزيد من قدراتها القتالية".

أي إذا نجحت القوات الروسية في السيطرة على دونباس، فيمكنها مواصلة القتال للاستيلاء على جنوب أوكرانيا بأكمله، وربما حتى تضمين مدينة دنيبرو الرئيسية أو حتى الوصول إلى أبعد من ذلك.



لكن من جهة أخرى إذا كانت القوات الروسية مرهقة كما توقع العديد من المحللين، وكما ألمح بوتين، فمن الممكن أن تعلن موسكو نهاية "العملية العسكرية الخاصة"، وهي عبارة ملطفة تستخدمها روسيا في تسمية هذه الحرب الشاملة.

قد يأمل الروس في أن يؤدي وقف إطلاق النار من جانب واحد إلى تقليل الدعم الدولي لأوكرانيا، مع دفع البعض، على الأرجح فرنسا وألمانيا، باتجاه إحلال السلام.

لا شك في أن أوكرانيا ستواصل القتال، ولكن بدون تدفق مستمر للأسلحة، يمكن أن يصبح خط المواجهة صراعا مجمّدا، كما حدث بين عامي 2014 و 2022. .

في الوقت الحالي، لا شيء من هذا مؤكد، حيث يدعي كلا الجانبين أن لهما اليد العليا. في الواقع، من الجدير بالذكر أنه بينما كانت أوكرانيا في حالة تأهب في دونباس، إلا أنها حققت نجاحات مؤخرا، أبرزها استعادة جزيرة الأفعى، حيث تم رفع العلم الأوكراني مرة أخرى هناك.

الشيء الوحيد الذي يمكننا التأكد منه أن هذه الحرب لن تنتهي في أي وقت قريب، حيث يبدو أن سكان منطقة دونيتسك سيكونون التالين في تحمّل ويلات وعواقب هذه الحرب.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار